وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا ذُبِحَتْ بِمَرْوَةَ، وَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ذِكْرُ الذَّكَاةِ بِغَيْرِ إنْهَارِ الدَّمِ، فَأَمَّا فَرْيُ الْأَوْدَاجِ وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ فَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ. وَقَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ: لَا تَصِحُّ الذَّكَاةُ إلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَصِحُّ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْوَدَجَيْنِ بِتَفْصِيلٍ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسَائِلِ. وَتَعَلَّقَ عُلَمَاؤُنَا بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «افْرِ الْوَدَجَيْنِ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ».
وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ لَا لَنَا وَلَا لَهُمْ؛ وَإِنَّمَا الْمُعَوَّلُ عَلَى الْمَعْنَى؛ فَالشَّافِعِيُّ اعْتَبَرَ قَطْعَ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الَّذِي لَا يَكُونُ مَعَهُ حَيَاةٌ، وَهُوَ الْغَرَضُ مِنْ الْمَوْتِ. وَعُلَمَاؤُنَا اعْتَبَرُوا الْمَوْتَ عَلَى وَجْهٍ يَطِيبُ مَعَهُ اللَّحْمُ، وَيَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَلَالُ وَهُوَ اللَّحْمُ، مِنْ الْحَرَامِ، وَهُوَ الدَّمُ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَلَيْهِ يَدُلُّ صَحِيحُ الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ». وَهَذَا بَيِّنٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ.
[مَسْأَلَة لَا تَصِحُّ الذَّكَاةُ إلَّا بِنِيَّةٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَا تَصِحُّ الذَّكَاةُ إلَّا بِنِيَّةٍ: وَلِذَلِكَ قُلْنَا: لَا تَصِحُّ مِنْ الْمَجْنُونِ وَمَنْ لَا يَعْقِلُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَهَا مِنْ الْمَجُوسِيِّ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ النِّيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَصْدُ لَمْ يُبَالَ مِمَّنْ وَقَعَتْ، وَسَنُكْمِلُ الْقَوْلَ فِيهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ.
[مَسْأَلَة ذَبَحَهَا مِنْ الْقَفَا ثُمَّ اسْتَوْفَى الْقَطْع وَأَنْهَرَ الدَّمَ وَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَيْنِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: وَلَوْ ذَبَحَهَا مِنْ الْقَفَا، ثُمَّ اسْتَوْفَى الْقَطْعَ، وَأَنْهَرَ الدَّمَ، وَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَيْنِ، لَمْ تُؤْكَلْ عِنْدَ عُلَمَائِنَا.