قُلْنَا: نَحْنُ خَصَّصْنَاهُ فِي الْمَأْكُولَاتِ مِنْ الْمُقْتَاتِ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ، وَلَا دَلِيلَ لَكُمْ عَلَى تَخْصِيصِهِ فِي الْمُقْتَاتِ؛ فَإِنْ أَعَادُوا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ أَعَدْنَا مَا سَبَقَ عَلَيْهَا مِنْ الْأَجْوِبَةِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا زَكَاةَ فِي الزَّيْتُونِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ؛ قَالَ: لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ إدَامًا، وَأَيْضًا فَإِنَّ التِّينَ أَنْفَعُ مِنْهُ فِي الْقُوتِ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ.
قُلْنَا لَهُ: الزَّكَاةُ تَجِبُ عِنْدَنَا فِي التِّينِ، فَلَا قَوْلَ لَك فِي ذَلِكَ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ التِّينِ وَالزَّبِيبِ، وَالزَّيْتُونُ قُوتٌ يُدَّخَرُ ذَاتُهُ وَيُدَّخَرُ زَيْتُهُ؛ فَلَا كَلَامَ عَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ:
قَالَ مَالِكٌ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ: إنَّمَا تَكُونُ الزَّكَاةُ فِيمَا يُقْتَاتُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ دُونَ مَا يُقْتَاتُ بِهِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ، فَلَا زَكَاةَ فِي الْقَطَّانِي، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي التِّينِ، فَكَانَ لَا يُوجِبُ فِيهِ الزَّكَاةَ، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِيهِ، فَإِذَا أُخْبِرَ عَنْهُ وَرَأَى مَوْقِعَهُ فِي بِلَادِهِ أَوْجَبَ فِيهِ الزَّكَاةَ؛ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَصْلٍ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ؛ وَهُوَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا وَرَدَ، هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ الْمُطْلَقِ أَوْ الْغَالِبِ مِنْ الْمُتَنَاوَلِ فِيهِ؟ وَالصَّحِيحُ حَمْلُهُ: عَلَى الْعُمُومِ الْمُطْلَقِ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ النَّبَاتِيَّةِ]
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١]:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ النَّبَاتِيَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلِ: أَنَّهَا تَجِبُ وَقْتَ الْجِدَادِ؛ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١].