فِيهَا سَبْعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ [الأنعام: ١٤٥] قَدْ بَيَّنَّا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْوَحْيَ يَنْقَسِمُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَجِيءُ الْمَلَكِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَبَرِ؛ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْمَلَكَ لَمْ يَأْتِ إلَيْهِ الْآنَ إلَّا بِهَذَا؛ إذْ قَدْ جَاءَ إلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْمُحَرَّمَاتِ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
هَذِهِ الْآيَةُ مَدَنِيَّةٌ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ نَزَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ [المائدة: ٣] وَذَلِكَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَهَا نَاسِخٌ؛ فَهِيَ مُحْكَمَةٌ..
[مَسْأَلَة الْمُحَرَّمَاتُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَطْعُومَاتٌ وَمَنْكُوحَاتٌ وَمَلْبُوسَاتٌ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿عَلَى طَاعِمٍ﴾ [الأنعام: ١٤٥]
الْمُحَرَّمَاتُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَطْعُومَاتٌ، وَمَنْكُوحَاتٌ، وَمَلْبُوسَاتٌ.
فَأَمَّا الْمَطْعُومَاتُ وَالْمَنْكُوحَاتُ فَقَدْ اسْتَوْفَى اللَّهُ بَيَانَهَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا، وَمِنْهَا فِي السُّنَّةِ تَوَابِعُ.
وَأَمَّا الْمَلْبُوسَاتُ فَمِنْهَا فِي الْقُرْآنِ إشَارَاتٌ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي السُّنَّةِ؛ وَقَالَ اللَّهُ: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةَ.
فَأَمَّا الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَقَرَةِ وَالْمَائِدَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٣]. وَكَانَ وُرُودُ ذِكْرِ الدَّمِ مُطْلَقًا هُنَالِكَ وَوَرَدَ هَاهُنَا مُقَيَّدًا بِالسَّفْحِ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ هَاهُنَا عَلَى الْمُقَيَّدِ عَلَى قَوْلَيْنِ: