قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَمِنْ هَذَا مَا جَاءَ عَلَى لَفْظِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَمِنْهَا مَا أُخِذَ مِنْ فِعْلٍ، وَمِنْهَا مَا جَاءَ مُضَافًا فَذَكَرَهُ مُجَرَّدًا عَنْ الْإِضَافَةِ، وَكَذَلِكَ وَجَدْنَاهُ فِي سَائِرِ الْأَسْمَاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ فَهَذِهِ هِيَ الْأَسْمَاءُ الْمَعْدُودَةُ بِصِفَاتِهَا قُرْآنًا وَسُنَّةً.
وَفِي الْحَدِيثِ الْمُطْلَقِ أَسْمَاءٌ غَيْرُ ذَلِكَ، كَقَوْلِنَا: الطَّيِّبُ، وَالسَّيِّدُ، وَالطَّبِيبُ؛ وَأَعْدَادٌ سِوَاهَا.
وَمَا مِنْهَا اسْمٌ إلَّا جَمِيعُهُ مُشْتَقٌّ، حَتَّى إنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ اتَّفَقُوا عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مُشْتَقٌّ.
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْأَمَدِ، فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِمْ الْفَاسِدِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ شَرَحْنَا مَعْنَى كُلِّ اسْمٍ فِي الْأَمَدِ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ، فَلْيُنْظَرْ هُنَالِكَ؛ وَعَدَّدْنَاهَا عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ؛ فَانْتَهَتْ إلَى سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ.
الْأَوَّلُ: اللَّهُ؛ وَهُوَ اسْمُهُ الْأَعْظَمُ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ كُلُّ اسْمٍ، وَيُضَافُ إلَى تَفْسِيرِهِ كُلُّ مَعْنًى، وَحَقِيقَتُهُ الْمُنْفَرِدُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ عَنْ نَظِيرٍ، فَهَذِهِ حَقِيقَةُ الْإِلَهِيَّةِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ اللَّهُ.
الثَّانِي: الْوَاحِدُ؛ وَهُوَ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ فِي صِفَاتٍ وَلَا ذَاتٍ وَلَا أَفْعَالٍ.
الثَّالِثُ: الْكَائِنُ؛ وَهُوَ الْمَوْجُودُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَبَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ.
الرَّابِعُ: الْقَائِمُ، إذَا ذَكَرْته مُطْلَقًا فَهُوَ الَّذِي يَسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَإِنْ ذَكَرْته مُضَافًا فَهُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِالْوُجُودِ فَمَا وَرَاءَهُ.
الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعُ: الْقَيُّومُ، وَالْقَيَّامُ، وَالْقَيِّمُ، وَهُوَ الدَّائِمُ الْقَائِمُ عَلَى شَيْءٍ.
الثَّامِنُ: الْكَافِي؛ مَنْ كَفَى إذَا قَامَ بِالْأَمْرِ، أَوْ دَفَعَ عَنْهُ مَا يَتَوَقَّعُ.
التَّاسِعُ: الْحَقُّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَتَغَيَّرُ.