[مَسْأَلَة شَرَفَ الْمَخْلُوقَاتِ لَيْسَ بِالذَّوَاتِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالْأَفْعَالِ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي «أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَيْفَ أَهْلُ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: خِيَارُنَا. فَقَالَ جِبْرِيلُ: إنَّهُمْ كَذَلِكَ فِينَا».
وَفِي هَذَا مِنْ الْفِقْهِ أَنَّ شَرَفَ الْمَخْلُوقَاتِ لَيْسَ بِالذَّوَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْأَفْعَالِ؛ وَلِلْمَلَائِكَةِ أَفْعَالُهَا الشَّرِيفَةُ مِنْ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى التَّسْبِيحِ الدَّائِمِ، وَلَنَا نَحْنُ أَفْعَالُنَا بِلَا إخْلَاصٍ فِي الطَّاعَةِ.
وَتَتَفَاضَلُ الطَّاعَاتُ بِتَفْضِيلِ الشَّرْعِ لَهَا، وَأَفْضَلُهَا الْجِهَادُ، وَأَفْضَلُهَا الْجِهَادُ يَوْمَ بَدْرٍ؛ فَأَنْجَزَ اللَّهُ لِرَسُولِ وَعْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، وَصَرَعَ صَنَادِيدَ الْمُشْرِكِينَ، وَانْتَقَمَ مِنْهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَشَفَى صَدْرَ رَسُولِهِ وَصُدُورَهُمْ مِنْ غَيْظِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ حَسَّانُ:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
عَرَفْت دِيَارَ زَيْنَبَ بِالْكَثِيبِ كَخَطِّ الْوَحْيِ فِي الْوَرَقِ الْقَشِيبِ
تَدَاوَلَهَا الرِّيَاحُ وَكُلُّ جَوْنٍ مِنْ الْوَسْمِيِّ مُنْهَمِرٍ سَكُوبِ
فَأَمْسَى رَبْعُهَا خَلِقًا وَأَمْسَتْ يَبَابًا بَعْدَ سَاكِنِهَا الْحَبِيبِ
فَدَعْ عَنْك التَّذَكُّرَ كُلَّ يَوْمٍ وَرَوِّ حَرَارَةَ الصَّدْرِ الْكَئِيبِ
وَخَبِّرْ بِاَلَّذِي لَا عَيْبَ فِيهِ بِصِدْقٍ غَيْرَ أَخْبَارِ الْكَذُوبِ
بِمَا صَنَعَ الْمَلِيكُ غَدَاةَ بَدْرٍ لَنَا فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ النَّصِيبِ
غَدَاةَ كَأَنَّ جَمْعَهُمْ حِرَاءٌ بَدَتْ أَرْكَانُهُ جُنْحَ الْغُرُوبِ
فَلَاقَيْنَاهُمْ مِنَّا بِجَمْعٍ كَأُسْدِ الْغَابِ مُرْدَانٍ وَشِيبِ
أَمَامَ مُحَمَّدٍ قَدْ وَازَرُوهُ عَلَى الْأَعْدَاءِ فِي لَفْحِ الْحُرُوبِ
بِأَيْدِيهِمْ صَوَارِمُ مُرْهَفَاتٌ وَكُلُّ مُجَرَّبٍ خَاظِي الْكُعُوبِ
بَنُو الْأَوْسِ الْغَطَارِفُ وَازَرَتْهَا بَنُو النَّجَّارِ فِي الدِّينِ الصَّلِيبِ
فَغَادَرْنَا أَبَا جَهْلٍ صَرِيعًا وَعُتْبَةَ قَدْ تَرَكْنَا بِالْجَبُوبِ
وَشَيْبَةَ قَدْ تَرَكْنَا فِي رِجَالٍ ذَوِي حَسَبٍ إذَا نُسِبُوا حَسِيبِ
يُنَادِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ لَمَّا قَذَفْنَاهُمْ كَبَاكِبَ فِي الْقَلِيبِ
أَلَمْ تَجِدُوا كَلَامِي كَانَ حَقًّا وَأَمْرُ اللَّهِ يَأْخُذُ بِالْقُلُوبِ
فَمَا نَطَقُوا، وَلَوْ نَطَقُوا لَقَالُوا صَدَقْت، وَكُنْت ذَا رَأْيٍ مُصِيبِ