﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ﴾ [الأنفال: ٦٠] يَعْنِي فَارِسَ وَالرُّومَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَمَّا فَارِسُ فَنَطْحَةٌ أَوْ نَطْحَتَانِ، ثُمَّ لَا فَارِسَ بَعْدَهَا. وَأَمَّا الرُّومُ ذَوَاتُ الْقُرُونِ فَكُلَّمَا هَلَكَ قَرْنٌ خَلَفَهُ آخَرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ [الأنفال: ٦٠] عَامٌّ فِي الْخَيْلِ كُلِّهَا وَأَجْوَدِهَا أَعْظَمِهَا أَجْرًا.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ [الأنفال: ٦٠] فَأَرَى الْبَرَاذِينَ مِنْ الْخَيْلِ إذَا أَجَازَهَا الْوَالِي، وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.
[الْآيَة السَّابِعَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا]
الْآيَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنفال: ٦١].
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: السَّلْمُ: بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَإِسْكَانِ اللَّامِ، وَبِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ، وَبِزِيَادَةِ الْأَلْفِ أَيْضًا: هُوَ الصُّلْحُ، وَقَدْ يَكُونُ السَّلَامُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنْ التَّسْلِيمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥] وَنَحْوِهِ.
الثَّانِي: إنْ دَعَوْك إلَى الصُّلْحِ فَأَجِبْهُمْ؛ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَالسُّدِّيُّ.
الثَّالِثُ: إنْ جَنَحُوا إلَى الْإِسْلَامِ فَاجْنَحْ لَهَا؛ قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: وَعَنَى بِهِ قُرَيْظَةَ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ تُقْبَلُ مِنْهُمْ، فَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ شَيْءٌ.