مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَفِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَحَقَّقْنَا أَنَّ الْغَسْلَ مَرُّ الْيَدِ مَعَ إمْرَارِ الْمَاءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَى الْيَدِ.
[مَسْأَلَة الْغَسْلُ يَقْتَضِي مَغْسُولًا مُطْلَقًا وَمَغْسُولًا بِهِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: الْغَسْلُ يَقْتَضِي مَغْسُولًا مُطْلَقًا وَمَغْسُولًا بِهِ: وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيمَا بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وُجُوهَكُمْ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦]: وَالْوَجْهُ فِي اللُّغَةِ: مَا بَرَزَ مِنْ بَدَنِهِ وَوَاجَهَ غَيْرَهُ بِهِ، وَهُوَ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُبَيَّنَ، وَأَوْجَهُ مِنْ أَنْ يُوَجَّهَ، وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ عُضْوٌ يَشْتَمِلُ عَلَى جُمْلَةِ أَعْضَاءٍ، وَمَحَلٌّ مِنْ الْجَسَدِ فِيهِ أَرْبَعُ طُرُقٍ لِلْعُلُومِ، وَلَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ، وَهُوَ أَيْضًا بَيِّنٌ إلَّا أَنَّهُ أَشْكَلَ عَلَى الْفُقَهَاءِ مِنْهُ سِتَّةُ مَعَانٍ:
الْأَوَّلُ: إذَا اكْتَسَى الذَّقَنُ بِالشَّعْرِ، فَإِنَّهُ قَدْ انْتَقَلَ الْفَرْضُ فِيمَا يُقَابِلُهُ إلَى الشَّعْرِ قَطْعًا وَنَفْيِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْ اللِّحْيَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اتَّصَلَ بِالْوَجْهِ وَوَاجَهَ كَمَا يُوَاجَهُ، فَيَكُونُ فَرْضًا غَسْلُهُ مِثْلُ الْوَجْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَدْبًا، وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ؛ لِمَا ثَبَتَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْسِلُ لِحْيَتَهُ». أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، فَعُيِّنَ الْمُحْتَمَلُ بِالْفِعْلِ.
الثَّانِي: إذَا دَارَ الْعِذَارُ عَلَى الْخَدِّ، هَلْ يَلْزَمُ غَسْلُ مَا وَرَاءَهُ إلَى الْأُذُنِ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَنَا فِي أَنْفُسِنَا وَبَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا غَيْرِنَا. وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ غَسْلُهُ لَا لِلْأَمْرَدِ وَلَا لِلْمُعْذِرِ.
الثَّالِثُ: الْفَمُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ: إنَّ غَسْلَهُ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَجْهِ؛ وَقَدْ وَاظَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ. وَقَالَ: «إذَا تَمَضْمَضَ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ».


الصفحة التالية
Icon