مُرَاعَاةً لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَتَقْدِيمًا لَهَا عَلَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ اللُّغَوِيِّ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ فِي الْبِلَادِ، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ بِتَنِّيسَ أَوْ بِالْفَرَمَا لَا يَرَى لَحْمًا إلَّا الْحُوتَ، وَالْأَنْعَامُ قَلِيلَةٌ فِيهَا، فَعُرْفُهَا عَكْسُ عُرْفِ بَغْدَادَ، فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْحُوتِ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْمُعَوَّلُ عَلَى لُحُومِ الْأَنْعَامِ، وَإِذَا أَجْرَيْنَا الْيَمِينَ عَلَى الْأَسْبَابِ فَسَبَبُ الْيَمِينِ يُدْخِلُ فِيهَا مَا لَا يَجْرِي عَلَى الْعُرْفِ، وَيُخْرِجُهُ مِنْهَا، وَالنِّيَّةُ تَقْضِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ: أَشْتَرِي لَحْمًا وَحِيتَانًا فَلَا يُعَدُّ تَكْرَارًا، وَاَلَّذِي أَخْتَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ.
[مَسْأَلَة حَلَفَ أَلَّا يَلْبَسَ حُلِيًّا فَلَبِسَ لُؤْلُؤًا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ [النحل: ١٤]: يَعْنِي بِهِ اللُّؤْلُؤَ وَالْمَرْجَانَ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢].
وَهَذَا امْتِنَانٌ عَامٌّ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْهُ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى الرِّجَالِ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَلْبَسَ حُلِيًّا فَلَبِسَ لُؤْلُؤًا أَنَّهُ يَحْنَثُ، لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: ﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ [النحل: ١٤] وَاَلَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ اللُّؤْلُؤُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحْنَثُ. وَلَمْ أَرَ لِعُلَمَائِنَا فِيهَا نَصًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ حَانِثٌ.
[الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ]
َ} [النحل: ١٦]
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:


الصفحة التالية
Icon