وَقَالَ آخَرُونَ: أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْأَحَدِ؛ لِأَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيهِ خَلْقَ الْأَشْيَاءِ، فَاخْتَلَفُوا فِي تَعْظِيمِ غَيْرِ مَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ تَعْظِيمُهُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَحَلُّوهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مَا الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ؟
فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي تَعْظِيمِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
الثَّانِي: اخْتَلَفُوا فِيهِ؛ اسْتَحَلَّهُ بَعْضُهُمْ، وَحَرَّمَهُ آخَرُونَ؛ قَالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.
الثَّالِثُ:
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانُوا يَطْلُبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَخْطَئُوهُ، وَأَخَذُوا السَّبْتَ، فَفُرِضَ عَلَيْهِمْ.
وَقِيلَ فِي الْقَوْلِ الرَّابِعِ: إنَّهُمْ أُلْزِمُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدًا، فَخَالَفُوا وَقَالُوا: نُرِيدُ يَوْمَ السَّبْتِ؛ لِأَنَّهُ فَرَغَ فِيهِ مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ.
الْخَامِسُ: رُوِيَ أَنَّ عِيسَى أَمَرَ النَّصَارَى أَنْ يَتَّخِذُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدًا، فَقَالُوا: لَا يَكُونُ عِيدُنَا إلَّا بَعْدَ عِيدِ الْيَهُودِ، فَجَعَلُوهُ الْأَحَدَ.
وَرُوِيَ أَنَّ مُوسَى قَالَ لِبَنِي إسْرَائِيلَ: تَفَرَّغُوا إلَى اللَّهِ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فِي يَوْمٍ تَعْبُدُونَهُ، وَلَا تَعْمَلُونَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا؛ فَاخْتَارُوا يَوْمَ السَّبْتِ، فَأَمَرَهُمْ مُوسَى بِالْجُمُعَةِ، فَأَبَوْا إلَّا السَّبْتَ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
الَّذِي يُفَصِّلُ هَذَا الْقَوْلَ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ».