[الْآيَة الْحَادِيَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ]

الْآيَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ:
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ [النحل: ١٢٦] فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: وَفِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ، أَصْلُهَا رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: «أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أُصِيبَ مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا، وَمِنْ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ، فِيهِمْ حَمْزَةُ، فَمَثَّلُوا بِهِمْ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا مِثْلَ هَذَا لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ﴾ [النحل: ١٢٦] الْآيَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُفُّوا عَنْ الْقَوْمِ إلَّا أَرْبَعَةً».
الثَّانِيَةُ:
أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ اُسْتُشْهِدَ، فَنَظَرَ إلَى شَيْءٍ لَمْ يَنْظُرْ إلَى شَيْءٍ كَانَ أَوْجَعَ مِنْهُ لِقَلْبِهِ، وَنَظَرَ إلَيْهِ قَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْك، فَإِنَّك كُنْت مَا عَرَفْتُك فَعُولًا لِلْخَيْرَاتِ، وَصُولًا لِلرَّحِمِ، وَلَوْلَا حُزْنُ مَنْ بَعْدَك عَلَيْك لَسَرَّنِي أَنْ أَدَعَك، حَتَّى تُحْشَرَ مِنْ أَفْرَادٍ شَتَّى أَمَا وَاَللَّهِ مَعَ ذَلِكَ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ. فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقِفٌ بِخَوَاتِيمِ النَّحْلِ: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ﴾ [النحل: ١٢٦] الْآيَاتِ؛ فَصَبَرَ النَّبِيُّ، وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَمْ يُمَثِّلْ بِأَحَدٍ».


الصفحة التالية
Icon