وَوَجْهُ الْخَطَأِ فِي قِصَّةِ آدَمَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ، وَلَكِنَّ وُجُوهَ الِاحْتِمَالَاتِ تَتَصَرَّفُ، وَالْمُدْرَكُ مِنْهَا عِنْدَنَا أَنْ يُذْهَلَ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ، كَمَا ضَرَبْنَا الْمَثَلَ فِي دُخُولِ الدَّارِ.
الثَّانِي: أَنْ يُذْهَلَ عَنْ جِنْسٍ مَنْهِيٍّ مِنْهُ، وَيَعْتَقِدَهُ فِي عَيْنِهِ؛ إذْ قَالَ اللَّهُ لَهُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الْجَزْمِ الشَّرْعِيِّ لِمَعْنًى مُغَيَّبٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٣٥]. قُلْنَا: قَدْ قِيلَ مَعْنَاهُ مِنْ الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِكُمَا، كَمَا قَالَ: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ [فاطر: ٣٢]. وَالصَّحِيحُ هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي نَسِيَ مِنْ تَحْذِيرِ اللَّهِ لَهُ، أَوْ تَأْوِيلُهُ فِي تَنْزِيلِهِ، وَرَبُّك أَعْلَمُ كَيْفَ دَارَ الْحَدِيثُ. وَالتَّعْيِينُ يَفْتَقِرُ إلَى تَأْوِيلِهِ، وَكَذَلِكَ قُلْنَا إنَّ النَّاسِيَ فِي الْحِنْثِ مَعْذُورٌ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ]
َ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: ١٣٠].
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْ آنَاءِ﴾ [طه: ١٣٠] وَزْنُهُ أَفْعَالٌ، وَاحِدُهَا إنْيٌ مِثْلُ عَدْلٍ، وَإِنًى مِثْلُ عِنَبٍ فِي السَّالِمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ [الأحزاب: ٥٣].
[مَسْأَلَة الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَسَبِّحْ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى هَاهُنَا: سَبِّحْ، صَلِّ؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ التَّسْبِيحِ وَأَشْرَفُهُ.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ ذَلِكَ بَيَانٌ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ أَمْ لِصَلَاةِ النَّفْلِ؟