وَالصُّحْبَةُ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ مَوَدَّةٍ، فَإِنْ كَانَتْ عَنْ ضَرُورَةٍ وَتَقِيَّةٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ عَلَى الْمَعْنَى، وَصُحْبَةُ الظَّالِمِ عَلَى التَّقِيَّةِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ النَّهْيِ لِحَالِ الِاضْطِرَارِ.
[الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ]
الْآيَةُ السَّابِعَةُ:
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: ١١٤]. فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا:
رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَإِنِّي أَصَبْت مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، وَهَا أَنَا فَاقْضِ فِي بِمَا قَضَيْت. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَك اللَّهُ لَوْ سَتَرْت عَلَى نَفْسِك. فَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ شَيْئًا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَأُنْزِلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ﴾ [هود: ١١٤]. فَأَتْبَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا فَدَعَاهُ فَتَلَا عَلَيْهِ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ﴾ [هود: ١١٤]. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: هَذَا لَهُ خَاصَّةً. فَقَالَ: بَلْ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ عَامَّةً». وَهَذَا صَحِيحٌ رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ كُلُّهُمْ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَأَقِمْ الصَّلَاةَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: وأَقِمْ الصَّلَاةَ
هَذِهِ الْآيَةُ تَضَمَّنَتْ ذِكْرَ الصَّلَاةِ وَهِيَ فِي كِتَابِ اللَّهِ سَبْعُ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ ذِكْرَ الصَّلَاةِ هَذِهِ هِيَ الْآيَةُ الْأُولَى.
الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ [الإسراء: ٧٨].