الثَّانِي: قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّسِيكَةِ، وَالنَّسِيكَةُ: الْمُخَلَّصَةُ مِنْ الْخَبَثِ، وَيُقَالُ لِلذَّبْحِ نُسُكٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُذْبَحُ لِغَيْرِهِ. وَادَّعَى ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ مَعْنَى نَسَكْت ذَهَبْت، وَكُلُّ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبًا فَقَدْ نَسَكَ. وَلَا يَرْجِعُ إلَّا إلَى الْعِبَادَةِ وَالتَّقَرُّبِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَلَمَّا رَأَى قَوْمٌ أَنَّ الْعِبَادَةَ تَتَكَرَّرُ قَالَ: إنَّ نَسَكْت بِمَعْنَى تَعَهَّدْت. وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْفَرَّاءُ مِنْ أَنَّهُ الْعِيدُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْمَنَاسِكِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٣٤] يَعْنِي يَذْبَحُونَهَا لِلَّهِ دُونَ غَيْرِهِ فِي هَدْيٍ أَوْ ضَحِيَّةٍ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي إقَامَةِ الصَّلَاةِ: وَقَدْ تَقَدَّمَ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [الحج: ٣٥] وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ.
[الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ]
الْآيَةُ الْعَاشِرَةُ قَوْله تَعَالَى:
﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الحج: ٣٦].
فِيهَا ثَمَانِي عَشْرَةَ مَسْأَلَةً:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٣٦] الْبُدْنُ جَمْعُ بَدَنَةٍ، وَهِيَ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ الْبَدَانَةِ وَهِيَ السِّمَنُ، يُقَالُ: بَدُنَ الرَّجُلُ بِضَمِّ الْعَيْنِ: إذَا سَمِنَ، وَبَدَّنَ بِتَشْدِيدِهَا: إذَا كَبِرَ وَأَسَنَّ، وَإِنَّمَا