الثَّانِي: بِالْهِدَايَةِ إلَى الْحَقِّ.
الثَّالِثُ: بِالطَّاعَةِ.
الرَّابِعُ: إلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّك؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَكُلُّهَا اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لَا انْقِطَاعَ فِيهِ لِانْتِظَامِ الْمَعْنَى مَعَهُ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: ١١٩]:
فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لِلِاخْتِلَافِ خَلَقَهُمْ.
الثَّانِي: لِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ خَلَقَهُمْ لِيَخْتَلِفُوا، فَيَرْحَمُ مَنْ يَرْحَمُ، وَيُعَذِّبُ مَنْ يُعَذِّبُ، كَمَا قَالَ: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هود: ١٠٥]. وَقَالَ: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى: ٧].
وَاعْجَبُوا مِمَّنْ يَسْمَعُ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾ [البقرة: ٣٠]، وَيَتَوَقَّفُ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَكُونُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لِلْفَسَادِ، وَهَلْ يَكُونُ الْفَسَادُ وَسَفْكُ الدِّمَاءِ إلَّا بِالِاخْتِلَافِ.
وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [هود: ١١٨] ﴿إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: ١١٩] لِلِاخْتِلَافِ، فَقَالَ لِي: لِيَكُونَ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ فَهِمَ الْآيَةَ، كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ قَرَأَ: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: ١١٩] قَالَ: خَلَقَ أَهْلَ رَحْمَتِهِ، لِئَلَّا يَخْتَلِفُوا. وَنَحْوُهُ عَنْ طَاوُسٍ، وَمَا اخْتَرْنَاهُ، وَأَخْبَرَنَا بِهِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَلَا تَرَوْنَ إلَى خَاتِمَةِ الْآيَةِ حِينَ قَالَ: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ﴾ [هود: ١١٩]، وَهِيَ: [الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ].