عِنْدَهُ ذُرِّيَّتُهُ مُحَافِظِينَ عَلَى الطَّاعَةِ، مُعَاوِنِينَ لَهُ عَلَى وَظَائِفِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى زَوْجِ أَحَدٍ، وَلَا إلَى وَلَدِهِ، فَتَسْكُنُ عَيْنُهُ عَنْ الْمُلَاحَظَةِ، وَتَزُولُ نَفْسُهُ عَنْ التَّعَلُّقِ بِغَيْرِهَا؛ فَذَلِكَ حِينَ قُرَّةِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ النَّفْسِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: ٧٤]
مَعْنَاهُ قُدْوَةٌ.
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: " اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُتَّقِينَ ".
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " إنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِكُمْ ". وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتَدُوا بِمَنْ قَبْلَهُمْ فَاقْتَدَى بِهِمْ مَنْ بَعْدَهُمْ.
وَكَانَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ شَيْخُ الصُّوفِيَّةِ يَقُولُ: الْإِمَامَةُ بِالدُّعَاءِ، لَا بِالدَّعْوَى يَعْنِي بِتَوْفِيقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَيْسِيرِهِ وَهِبَتِهِ، لَا بِمَا يَدَّعِيهِ كُلُّ أَحَدٍ لِنَفْسِهِ، وَيَرَى فِيهَا مَا لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ.