بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ | أَلْجَمَ نَسْرًا وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ |
تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إلَى رَحِمٍ | إذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ |
حَتَّى اسْتَوَى بَيْنَك الْمُهَيْمِنُ مِنْ | خِنْدِفٍ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطْقُ |
وَأَنْتَ لَمَّا بُعِثْت أَشْرَقَتْ الْأَرْضُ | وَضَاءَتْ بِنُورِك الْأُفُقُ |
فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي النُّورِ | وَسُبُلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ |
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤]: يَعْنِي الْجَاهِلُونَ، مِنْ الْغَيِّ، وَقَدْ يَكُونُ الْجَهْلُ فِي الْعَقِيدَةِ، فَيَكُونُ شِرْكًا، وَيُرَادُ بِهِ الْكُفَّارُ وَالشَّيَاطِينُ. وَقَدْ يَكُونُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ سَفَاهَةً.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥]: يَعْنِي يَمْشُونَ بِغَيْرِ قَصْدٍ وَلَا تَحْصِيلٍ، وَضَرَبَ الْأَوْدِيَةَ فِي السَّيْرِ مَثَلًا لِصُنُوفِ الْكَلَامِ فِي الشِّعْرِ، لِجَرَيَانِ تِلْكَ سَيْلًا، وَسَيْرِ هَؤُلَاءِ قَوْلًا، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَسَارَ مَسِيرَ الشَّمْسِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ | وَهَبَّ هُبُوبَ الرِّيحِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ |
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٦]: يَعْنِي مَا يَذْكُرُونَهُ فِي شِعْرِهِمْ مِنْ الْكَذِبِ فِي الْمَدْحِ وَالتَّفَاخُرِ، وَالْغَزَلِ وَالشَّجَاعَةِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ فِي صِفَةِ السَّيْفِ:
تَظَلُّ تَحْفِرُ عَنْهُ إنْ ضَرَبْت بِهِ | بَعْدَ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْهَادِي |