إذَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْرًا بِامْرِئٍ | وَكَانَ ذَا عَقْلٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرْ |
وَحِيلَةٍ يَعْمَلُهَا فِي دَفْعِ مَا | يَأْتِي بِهِ مَكْرُوهُ أَسْبَابِ الْقَدَرْ |
غَطَّى عَلَيْهِ سَمْعَهُ وَعَقْلَهُ | وَسَلَّهُ مِنْ ذِهْنِهِ سَلَّ الشَّعَرْ |
حَتَّى إذَا أَنْفَذَ فِيهِ حُكْمَهُ | رَدَّ عَلَيْهِ عَقْلَهُ لِيَعْتَبِرْ |
ُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [النمل: ٢١].
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّيْرَ كَانُوا مُكَلَّفِينَ؛ إذْ لَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ فِعْلٍ إلَّا مَنْ كُلِّفَ ذَلِكَ الْفِعْلَ، وَبِهَذَا يُسْتَدَلُّ عَلَى جَهْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ مِنْ سُلَيْمَانَ اسْتِدْلَالًا بِالْأَمَارَاتِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلطَّيْرِ عَقْلٌ، وَلَا كَانَ لِلْبَهَائِمِ عِلْمٌ، وَلَا أُوتِيَ سُلَيْمَانُ عِلْمَ مَنْطِقِ الطَّيْرِ.
وَقَاتَلَهُمْ اللَّهُ، مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى الْخَلْقِ فَضْلًا عَنْ الْخَالِقِ،
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: كَانَ الْهُدْهُدُ صَغِيرَ الْجُرْمِ، وَوُعِدَ بِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ لِعَظِيمِ الْجُرْمِ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ عَلَى قَدْرِ الذَّنْبِ، لَا عَلَى قَدْرِ الْجَسَدِ، أَمَّا إنَّهُ يُرْفَقُ بِالْمَحْدُودِ فِي الزَّمَانِ وَالصِّفَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي أَحْكَامِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ.
[الْآيَةُ الثَّامِنَةُ قَوْله تَعَالَى فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ]
ٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: ٢٢].