فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ: يَا بُنَيَّةُ، هَذِهِ قُوَّتُهُ، فَمَا أَمَانَتُهُ؟ قَالَتْ: إنَّكَ لَمَّا أَرْسَلْتنِي إلَيْهِ قَالَ لِي: كُونِي وَرَائِي لِئَلَّا يَصِفَك الثَّوْبُ مِنْ الرِّيحِ، وَأَنَا عِبْرَانِيٌّ، لَا أَنْظُرُ إلَى أَدْبَارِ النِّسَاءِ، وَدُلِّينِي عَلَى الطَّرِيقِ يَمِينًا وَيَسَارًا.
[مَسْأَلَة مَشْرُوعِيَّة الْإِجَارَة]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿اسْتَأْجِرْهُ﴾ [القصص: ٢٦] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْنَهُمْ وَعِنْدَهُمْ مَشْرُوعَةٌ مَعْلُومَةٌ، وَكَذَلِكَ كَانَتْ فِي كُلِّ مِلَّةٍ، وَهِيَ مِنْ ضَرُورَةِ الْخَلِيقَةِ، وَمَصْلَحَةِ الْخُلْطَةِ بَيْنَ النَّاسِ خِلَافًا لِلْأَصَمِّ؛ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ حَيْثُ وَرَدَ فِي مَوَاضِعِهِ.
[الْآيَة السَّادِسَة قَوْلُهُ تَعَالَى قَالَ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ]
ِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: ٢٧] ﴿قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ [القصص: ٢٨].
اعْلَمُوا، عَلَّمَكُمْ اللَّهُ الِاجْتِهَادَ، وَحِفْظَ سَبِيلَ الِاعْتِقَادِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ، مَعَ أَنَّ مَالِكًا قَدْ ذَكَرَهَا، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ لَا تَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ، وَفِيهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، وَآثَارٌ مِنْ جِنْسِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِهَا، وَنَحْنُ نَحْلُبُ دَرَّهَا، وَنَنْظِمُ دُرَرَهَا، وَنَشُدُّ مِئْزَرَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَفِيهَا ثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ﴾ [القصص: ٢٧] فِيهِ عَرْضُ الْمَوْلَى وَلِيَّتَهُ عَلَى الزَّوْجِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ: عَرَضَ صَالِحُ مَدْيَنَ ابْنَتَهُ عَلَى