عَلَى الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ؟ [فَمَنْ] نَصِيرِي مِنْ هَذَا الِاعْتِقَادِ، وَعَذِيرِي مِنْ الْمِسْكَيْنِ الَّذِي تَصَوَّرَ عِنْدَهُ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَيَا لِلَّهِ وَيَا لِضَيَاعِ الْعِلْمِ بَيْنَ الْعَالَمِ فِي هَذِهِ الْأَقْطَارِ الْغَارِبَةِ مَطْلَعًا، الْعَازِبَةِ مَقْطَعًا،
[مَسْأَلَة هَلْ الْحَامِلَ تَحِيضُ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ تَمَاسُكَ الْحَيْضِ عَلَامَةٌ عَلَى شَغْلِ الرَّحِمِ، وَاسْتِرْسَالَهُ عَلَامَةٌ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ؛ فَمُحَالٌ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ الشَّغْلِ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى الْبَرَاءَةِ لَوْ اجْتَمَعَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ: وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ فِي الدَّمِ وَالْحَيْضِ فِي غَيْرِ حَالِ الْحَمْلِ، وَمَا تَزْدَادُ بَعْدَ غَيْضِهَا مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يَجْتَمِعَ فِي الرَّحِمِ.
فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الدَّمَ عَلَامَةٌ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ لَا مِنْ حَيْثُ الْقَطْعِ؛ فَجَازَ أَنْ يَجْتَمِعَا، بِخِلَافِ وَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ بَرَاءَةٌ لِلرَّحِمِ قَطْعًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ الشَّغْلِ. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ فِي تَفْسِيرِ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ فِي غَيْرِ حَالِ الْحَمْلِ وَمَا تَزْدَادُ بَعْدَ غَيْضِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ فِي الرَّحِمِ. فَإِنَّا نَقُولُ: إنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ غَيْضٍ وَازْدِيَادٍ وَسَيَلَانٍ وَتَوَقُّفٍ، وَإِذَا سَالَ الدَّمُ عَلَى عَادَتِهِ بِصِفَتِهِ مَا الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ حُكْمِهِ؟ وَلَا جَوَابَ لَهُمْ عَنْ هَذَا.
[الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا]
الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ [الرعد: ١٥].
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: