وَالْفَأْلُ هُوَ الِاسْتِدْلَال بِمَا يَسْتَمِعُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُرِيدُ مِنْ الْأَمْرِ إذَا كَانَ حَسَنًا، فَإِنْ سَمِعَ مَكْرُوهًا فَهُوَ تَطَيُّرٌ، وَأَمَرَ الشَّرْعُ بِأَنْ يَفْرَحَ بِالْفَأْلِ، وَيَمْضِيَ عَلَى أَمْرِهِ مَسْرُورًا بِهِ. فَإِذَا سَمِعَ الْمَكْرُوهَ أَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يَرْجِعْ لِأَجْلِهِ، وَقَالَ كَمَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ لَا طَيْرَ إلَّا طَيْرُك، وَلَا خَيْرَ إلَّا خَيْرُك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك».
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْأُدَبَاءِ:
الْفَأْلُ وَالزَّجْرُ وَالْكُهَّانُ كُلُّهُمْ | مُضَلِّلُونَ وَدُونَ الْغَيْبِ أَقْفَالٌ |
[الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا]
} [الأحقاف: ١٥].
رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً تَزَوَّجَتْ فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ زُوِّجَتْ، فَأَتَى بِهَا عُثْمَانَ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْجُمَهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعُثْمَانَ: إنَّهَا إنْ تُخَاصِمْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَخْصِمْكُمْ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥]. وَقَالَ: " وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ " فَالْحَمْلُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَالْفِصَالُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا؛ فَخَلَّى سَبِيلَهَا.
فِي رِوَايَةٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَهُ ذَلِكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَهُوَ اسْتِنْبَاطٌ بَدِيعٌ.
[الْآيَة الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ]
ِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} [الأحقاف: ٢٠].