الْخَطَّابِ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّهُ دَاخِلٌ الْبَيْتَ فَمُطَّوِّفٌ بِهِ، قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ الْعَامَ، وَإِنَّهُ آتِيه فَمَطُوفٌ بِهِ. وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَرَاجَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُرَاجَعَةِ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَعَمِلْت لِذَلِكَ أَعْمَالًا يَعْنِي مِنْ الْخَيْرِ كَفَّارَةً لِذَلِكَ التَّوَقُّفِ الَّذِي دَاخَلَهُ حِينَ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ صُدَّ عَنْ الْبَيْتِ، وَلَمْ تَخْرُجْ رُؤْيَاهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ دَخَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ آمَنِينَ فَحَلَّقُوا وَقَصَّرُوا.
وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ «أَخَذَ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ» وَهَذَا كَانَ فِي الْعُمْرَةِ لَا فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَقَ فِي حَجَّتِهِ، وَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا انْقَضَتْ الثَّلَاثُ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ بِمَيْمُونَةَ بِمَكَّةَ فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَنَى بِهَا بِسَرِفَ، وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذِكْرِ مَيْمُونَةَ خَاصَّةً مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
[الْآيَةُ الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ]
ُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: ٢٩]
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى يَعْنِي عَلَامَتَهُمْ، وَهِيَ سِيمَا وَسِيمَيَا، وَفِي الْحَدِيثِ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِغَيْرِكُمْ مِنْ الْأُمَمِ؛ تَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ».
رَوَيْت فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ.


الصفحة التالية
Icon