فَأَمَّا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ كَافِرَيْنِ فَعَقَلَ الْإِسْلَامَ صَغِيرًا وَتَلَفَّظَ بِهِ، فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.
وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا. وَالْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهَا بِطُرُقِهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَمِنْ عُمُدِهَا هَذِهِ الْآيَةُ، وَهِيَ قَوْلُهُ: ﴿وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ﴾ [الطور: ٢١]، فَنَسَبَ الْفِعْلَ إلَيْهِمْ؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ عَقَلُوهُ وَتَكَلَّمُوا بِهِ؛ فَاعْتُبِرَهُ اللَّهُ، وَجَعَلَ لَهُمْ حُكْمَ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِنْ الْعُمُدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُخَالِفَ يَرَى صِحَّةَ رِدَّتِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ اعْتِبَارُ رِدَّتِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ، وَقَدْ احْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِإِسْلَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَغِيرًا وَأَبَوَاهُ كَافِرَانِ.
[الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّك فَإِنَّك بِأَعْيُنِنَا]
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور: ٤٨] ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: ٤٩].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: ﴿حِينَ تَقُومُ﴾ [الطور: ٤٨] فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: الْمَعْنَى فِيهِ حِينَ تَقُومُ مِنْ الْمَجْلِسِ لِيُكَفِّرَهُ.
الثَّانِي: حِينَ تَقُومُ مِنْ النَّوْمِ، لِيَكُونَ مُفْتَتِحًا بِهِ كَلَامَهُ.
الثَّالِثُ: حِينَ تَقُومُ مِنْ نَوْمِ الْقَائِلَةِ، وَهِيَ الظُّهْرُ.
الرَّابِعُ: التَّسْبِيحُ فِي الصَّلَاةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ مَعْنَاهُ حِينَ تَقُومُ مِنْ الْمَجْلِسِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَكْثُرُ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: