الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ هُوَ ظُهُورُ الْحَقِّ بِهِ، وَقِيلَ نُورُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَالْكُلُّ صَالِحٌ لِلْقَوْلِ حَاصِلٌ لِلشَّاهِدِ بِالْحَقِّ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الشُّهَدَاءَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمْ الَّذِينَ قَاتَلُوا لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا.
وَهُمْ أَوْفَى دَرَجَةً وَأَعْلَى.
وَالشُّهَدَاءُ قَدْ بَيَّنَّا عَدَدَهُمْ، وَهُمْ الْمَقْتُولُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. الْمَقْتُولُ دُونَ مَالِهِ [الْمَقْتُولُ دُونَ أَهْلِهِ]. الْمَطْعُونُ. الْغَرِقُ. الْحَرِقُ. الْمَجْنُونُ. الْهَدِيمُ. ذَاتُ الْجَمْعِ.
الْمَقْتُولُ ظُلْمًا. أَكِيلُ السَّبْعِ. الْمَيِّتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. مَنْ مَاتَ مِنْ بَطْنٍ فَهُوَ شَهِيدٌ. الْمَرِيضُ شَهِيدٌ. الْغَرِيبُ شَهِيدٌ. صَاحِبُ النَّظْرَةِ شَهِيدٌ. فَهَؤُلَاءِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهِيدًا. وَقَدْ بَيَّنَّاهُمْ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَالَ جَمَاعَةٌ: إنَّ قَوْلَهُ ﴿وَالشُّهَدَاءُ﴾ [الحديد: ١٩] مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿الصِّدِّيقُونَ﴾ [الحديد: ١٩] عَطْفُ الْمُفْرَدِ عَلَى الْمُفْرَدِ يَعْنِ ي أَنَّ الصِّدِّيقَ هُوَ الشَّهِيدُ، وَالْكُلُّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ. وَقِيلَ: هُوَ عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، وَالشُّهَدَاءُ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ وَالْكُلُّ مُحْتَمَلٌ، وَأَظْهَرُهُ عَطْفُ الْمُفْرَدِ عَلَى الْمُفْرَدِ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْمُلْجِئَةِ.
[الْآيَة الرَّابِعَة قَوْلُهُ تَعَالَى ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا]
وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: ٢٧]. فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: