[الْآيَة الثَّانِيَة فوله تَعَالَى إنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ]
الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: ١٢].فِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ مَنَازِلُ الْأَنْصَارِ بَعِيدَةً مِنْ الْمَسْجِدِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا إلَى الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾ [يس: ١٢] فَقَالُوا: نَثْبُتُ مَكَانَنَا.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا بَنِي سَلِمَةَ، وَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ. وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ بَنِي سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا قَرِيبًا مِنْ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا بَنِي سَلِمَةَ؛ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ؛ يَعْنِي الْزَمُوا دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ لَكُمْ آثَارُكُمْ»، أَيْ خُطَاكُمْ إلَى الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ
خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ بِهَا عَنْهُ خَطِيئَةً، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ».