وَالْجَوَازَ فِي بَنِي النَّضِيرِ [تَضَمَّنَ بَنِي قُرَيْظَةَ؛ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ] قَبْلَ قُرَيْظَةَ بِمُدَّةٍ كَبِيرَةٍ.
[مَسْأَلَة اجْتِهَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ تَأَسَّفَتْ الْيَهُودُ عَلَى النَّخْلِ الْمَقْطُوعَةِ، وَقَالُوا: يَنْهَى مُحَمَّدٌ عَنْ الْفَسَادِ وَيَفْعَلُهُ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَقْطَعُ، وَبَعْضُهُمْ لَا يَقْطَعُ، فَصَوَّبَ اللَّهُ الْفَرِيقَيْنِ، وَخَلَّصَ الطَّائِفَتَيْنِ فَظَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ يُخَرَّجُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مَعَهُمْ، وَلَا اجْتِهَادَ مَعَ حُضُورِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى اجْتِهَادِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ أَخْذًا بِعُمُومِ الْإِذَايَةِ لِلْكُفَّارِ، وَدُخُولًا فِي الْإِذْنِ لِلْكُلِّ بِمَا يَقْضِي عَلَيْهِمْ بِالِاجْتِيَاحِ وَالْبَوَارِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الحشر: ٥].
[الْآيَة الْخَامِسَةُ قَوْله تَعَالَى وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ]
ْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: ٦].
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ﴾ [الحشر: ٧]: يُرِيدُ مَا رَدَّ اللَّهُ. وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَمْوَالَ فِي الْأَرْضِ لِلْمُؤْمِنِينَ حَقًّا، فَيَسْتَوْلِي عَلَيْهَا الْكُفَّارُ مِنْ اللَّهِ بِالذُّنُوبِ عَدْلًا، فَإِذَا رَحِمَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ رَجَعَتْ فِي طَرِيقِهَا ذَلِكَ، فَكَانَ ذَلِكَ فَيْئًا.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: ﴿فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ﴾ [الحشر: ٦]: الْإِيجَافُ: ضَرْبٌ مِنْ السَّيْرِ. وَالرِّكَابُ: اسْمٌ لِلْإِبِلِ خَاصَّةً عُرْفًا لُغَوِيًّا، وَإِنْ كَانَ


الصفحة التالية
Icon