كُنْت قَرَأْته لَقَدْ وَجَدْته؛ أَمَا قَرَأْت: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]. قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
[الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى وَاَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ]
ْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: ٩].
فِيهَا سَبْعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَالَ الْخَلْقُ بِأَجْمَعِهِمْ: يُرِيدُ بِذَلِكَ الْأَنْصَارَ الَّذِينَ آوَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ طُرِدَ، وَنَصَرُوهُ حِينَ خُذِلَ، فَلَا مِثْلَ لَهُمْ وَلَا لِأَجْرِهِمْ.
[مَسْأَلَة فَضْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْآفَاقِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْت مَالِكًا وَهُوَ يَذْكُرُ فَضْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْآفَاقِ فَقَالَ: إنَّ الْمَدِينَةَ تُبُوِّئَتْ بِالْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ، وَإِنَّ غَيْرَهَا مِنْ الْقُرَى اُفْتُتِحَتْ بِالسَّيْفِ ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾ [الحشر: ٩] الْآيَةَ.
وَقَدْ بَيَّنَّا فَضْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى كُلِّ بُقْعَةٍ فِي كِتَابِ الْإِنْصَافِ، وَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ، بَيْدَ أَنَّ الْقَارِئَ رُبَّمَا تَعَلَّقَتْ نَفْسُهُ بِنُكْتَةٍ كَافِيَةٍ فِي ذَلِكَ مُغْنِيَةٍ عَنْ التَّطْوِيلِ، فَيُقَالُ لَهُ: إنْ أَرَدْت الْوُقُوفَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي ذَلِكَ فَاتْلُ مَنَاقِبَ مَكَّةَ إلَى آخِرِهَا، فَإِذَا اسْتَوْفَيْتهَا قُلْ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الصَّحِيحِ: «اللَّهُمَّ إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَأَنَا أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ بِمِثْلِ مَا حَرَّمَ بِهِ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَمِثْلِهِ مَعَهُ»؛ فَقَدْ جَعَلَ حُرْمَةَ الْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ حُرْمَةِ مَكَّةَ.
وَقَالَ عُمَرُ فِي وَصِيَّتِهِ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ بِالْمُهَاجِرِينَ وَبِالْأَنْصَارِ الْأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ