النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ. وَقُبُلُ الشَّيْءِ بَعْضُهُ لُغَةً وَحَقِيقَةً، بِخِلَافِ اسْتِقْبَالِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ غَيْرَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ مَنْ الْمُخَاطَبُ بِأَمْرِ الْإِحْصَاءِ؛ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُمْ الْأَزْوَاجُ.
الثَّانِي: أَنَّهُمْ الزَّوْجَاتُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ الْمُسْلِمُونَ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهَذَا اللَّفْظِ الْأَزْوَاجُ؛ لِأَنَّ الضَّمَائِرَ كُلَّهَا مِنْ ﴿طَلَّقْتُمُ﴾ [الطلاق: ١]
﴿وَأَحْصُوا﴾ [الطلاق: ١] وَ ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ﴾ [الطلاق: ١] عَلَى نِظَامٍ وَاحِدٍ يَرْجِعُ إلَى الْأَزْوَاجِ، وَلَكِنَّ الزَّوْجَاتِ دَاخِلَةٌ فِيهِ بِالْإِلْحَاقِ بِالزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُحْصِي لِيُرَاجِعَ، وَيُنْفِقَ أَوْ يَقْطَعَ، وَلِيُسْكِنَ أَوْ يُخْرِجَ، وَلِيُلْحِقَ نَسَبَهُ أَوْ يَقْطَعَ. وَهَذِهِ كُلُّهَا أُمُورٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَتَنْفَرِدُ الْمَرْأَةُ دُونَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ يَفْتَقِرُ إلَى الْإِحْصَاءِ لِلْعِدَّةِ لِلْفَتْوَى عَلَيْهَا وَفَصْلُ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ فِيهَا؛ وَهَذِهِ فَوَائِدُ الْإِحْصَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ فِيمَا لَا يَتِمُّ الْإِحْصَاءُ إلَّا بِهِ وَهُوَ مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ الْعِدَّةِ، وَمَحِلِّهَا، وَأَنْوَاعِهَا: فَأَمَّا أَسْبَابُهَا فَأَرْبَعَةٌ: وَهِيَ الطَّلَاقُ، وَالْفَسْخُ، وَالْوَفَاةُ، وَانْتِقَالُ الْمِلْكِ. [وَالْمِلْكُ] وَالْوَفَاةُ مَذْكُورَانِ فِي الْقُرْآنِ، وَالْفَسْخُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، أَوْ هُوَ هُوَ. وَالِاسْتِبْرَاءُ مَذْكُورٌ فِي السُّنَّةِ، وَلَيْسَ بِعِدَّةٍ؛ لِأَنَّهُ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، وَسُمِّيَتْ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ عِدَّةً لِأَنَّهَا مُدَّةٌ ذَاتُ عَدَدٍ تُعْتَبَرُ بِحِلٍّ وَتَحْرِيمٍ.
وَأَمَّا مَحِلُّهَا فَهِيَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ.
وَأَمَّا أَنْوَاعُهَا فَهِيَ أَرْبَعَةٌ: ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَوَضْعُ الْحَمْلِ، كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَسَنَةٌ كَمَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ، فَهَذِهِ جُمْلَتُهَا،


الصفحة التالية
Icon