اُتُّخِذَ لَهُ الْبَابُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ تَرْكُ الْبَابِ لَهُ شَرْعًا، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ تَقْصِيرِ النَّفَقَةِ وَاخْتِصَارِ الْحَالَةِ.
[مَسْأَلَة قِسْمَةُ الْأَمْوَالِ فِي الْمَسَاجِد]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ مَعَ أَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ لَا يُذْكَرُ فِيهَا غَيْرُ اللَّهِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْقِسْمَةُ لِلْأَمْوَالِ فِيهَا، وَيَجُوزُ وَضْعُ الصَّدَقَاتِ فِيهَا عَلَى رَسْمِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمَسَاكِينِ، فَكُلُّ مَنْ جَاءَ أَكَلَ، وَيَجُوزُ حَبْسُ الْغَرِيمِ فِيهَا، وَرَبْطُ الْأَسِيرِ، وَالنَّوْمُ فِيهَا، وَسُكْنَى الْمَرِيضِ فِيهَا، وَفَتْحُ الْبَابِ لِلْجَارِ، وَإِنْشَاءُ الشِّعْرِ فِيهَا إذَا عَرِيَ عَنْ الْبَاطِلِ، وَلَا نُبَالِي أَنْ يَكُونَ غَزَلًا، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ: ﴿فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨] هَذَا تَوْبِيخٌ لِلْمُشْرِكِينَ فِي دَعْوَاهُمْ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهُوَ لِلَّهِ اصْطَفَاهُ لَهُمْ، وَاخْتَصَّهُمْ بِهِ، وَوَضَعَهُ مَسْكَنًا لَهُمْ.
وَأَحْيَاهُ بَعْدَ الْمَمَاتِ عَلَى يَدِ أَبِيهِمْ، وَعَمَرَهُ مِنْ الْخَرَابِ بِسَلَفِهِمْ، وَحِينَ بَلَغَتْ الْحَالَةُ إلَيْهِمْ كَفَرُوا هَذِهِ النِّعْمَةَ، وَأَشْرَكُوا بِاَللَّهِ غَيْرَهُ، فَنَبَّهَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَيْهِمْ، وَأَوْعَزَ عَلَى لِسَانِهِ إلَيْهِمْ بِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِإِقَامَةِ الْحَقِّ فِيهِ، وَإِخْلَاصِ الدَّعْوَةِ لِلَّهِ بِمَعَالِمِهِ.