الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِهَا عَلَى أَقْوَالٍ، جُمْلَتُهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ، إشَارَةً إلَى أَنَّ لَفْظَ نَشَأَ يُعْطِي الِابْتِدَاءَ، فَهُوَ بِالْأَوَّلِيَّةِ أَحَقُّ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَوْلَا أَنْ يُقَالَ صَبَا نُصَيْبٌ | لَقُلْت بِنَفْسِي النَّشَأُ الصِّغَارُ |
[مَسْأَلَة قِرَاءَة قَوْله تَعَالَى أَشَدُّ وَطْئًا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ ﴿أَشَدُّ وَطْئًا﴾ [المزمل: ٦]: قُرِئَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ فَمِمَّنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَالْكُوفِيُّونَ
وَقُرِئَ بِكَسْرِ الطَّاءِ مَمْدُودًا، وَمِمَّنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ أَهْلُ الشَّامِ وَأَبُو عَمْرٍو
فَأَمَّا مَنْ قَرَأَهُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ فَإِنَّهُ أَشَارَ إلَى ثِقَلِهِ عَلَى النَّفْسِ لِسُكُونِهَا إلَى الرَّاحَةِ فِي اللَّيْلِ وَغَلَبَةِ النَّوْمِ فِيهِ عَلَى الْمَرْءِ. وَأَمَّا مَنْ قَرَأَهُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُوَاطَأَةِ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَافَقُ فِيهِ السَّمْعُ لِعَدَمِ الْأَصْوَاتِ، وَالْبَصَرُ لِعَدَمِ الْمَرْئِيَّاتِ، وَالْقَلْبُ لِفَقْدِ الْخَطَرَاتِ. قَالَ مَالِكٌ: أَقْوَمُ قِيلًا: هُدُوًّا مِنْ الْقَلْبِ وَفَرَاغًا لَهُ.
وَالْمَعْنَيَانِ فِيهِ صَحِيحَانِ؛ لِأَنَّهُ يَثْقُلُ عَلَى الْعَبْدِ وَأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلْقَصْدِ.
[الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى إنَّ لَك فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا]
} [المزمل: ٧] فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ اضْطِرَابًا وَمَعَاشًا وَتَصَرُّفًا، سَبَّحَ يُسَبِّحُ: إذَا تَصَرَّفَ