[سُورَة عَبَسَ فِيهَا آيَتَانِ] [الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى عَبَسَ وَتَوَلَّى]
الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى لَا خِلَافَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، وَقَدْ رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ: «نَزَلَتْ ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ؛ عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَك اللَّهُ، وَعِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ، وَيَقُولُ: يَا فُلَانُ، هَلْ تَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا، فَيَقُولُ: لَا، مَا أَرَى بِمَا تَقُولُ بَأْسًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١]».
قَالَتْ الْمَالِكِيَّةُ مِنْ عُلَمَائِنَا: اسْمُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ عَمْرٌو، وَيُقَالُ عَبْدُ اللَّهِ، وَالرَّجُلُ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُسْنَدًا قَالَ: أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: هَذَا مَا عَرَضْنَا عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: نَزَلَتْ ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ [الأنعام: ٥٢].
وَمَعْنَاهُ نَحْوُهُ حَيْثُمَا وَقَعَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَصَدَ تَأَلُّفَ الرَّجُلِ الطَّارِئِ ثِقَةً بِمَا