الِاخْتِيَارِ وَالطَّاعَةِ، فَقَالُوا: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ [الجن: ١] ﴿يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ﴾ [الجن: ٢] ﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ﴾ [الأحقاف: ٣١]..
[مَسْأَلَة صَلَاةَ الضُّحَى]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كُنْت أَعْلَمُ صَلَاةَ الضُّحَى فِي الْقُرْآنِ حَتَّى سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ ﴿يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ﴾ [ص: ١٨] وَعَلَى هَذَا جَاءَ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ، ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ [النور: ٣٦] ﴿رِجَالٌ﴾ [النور: ٣٧]
وَالْأَصَحُّ هَاهُنَا أَنَّهَا صَلَاةُ الضُّحَى وَالْعَصْرِ، فَأَمَّا صَلَاةُ الضُّحَى فَهِيَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَافِلَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، وَهِيَ فِي الْغَدَاةِ بِإِزَاءِ الْعَصْرِ فِي الْعَشِيِّ، لَا يَنْبَغِي أَنْ تُصَلَّى حَتَّى تَبْيَضَّ الشَّمْسُ طَالِعَةً، وَيَرْتَفِعَ كَدَرُهَا، وَتُشْرِقَ بِنُورِهَا، كَمَا لَا تُصَلَّى الْعَصْرُ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُبَادِرُ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ اسْتِعْجَالًا لِأَجْلِ شُغْلِهِ، فَيَخْسَرُ عَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَيَأْتِي بِعَمَلٍ هُوَ عَلَيْهِ لَا لَهُ.
[مَسْأَلَة لَيْسَ لِصَلَاةِ الضُّحَى تَقْدِيرٌ مُعَيَّنٌ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ لَيْسَ لِصَلَاةِ الضُّحَى تَقْدِيرٌ مُعَيَّنٌ إلَّا أَنَّهَا صَلَاةُ تَطَوُّعٍ، وَأَقَلُّ التَّطَوُّعِ عِنْدَنَا رَكْعَتَانِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَكْعَةٌ. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
وَفِي صَلَاةِ الضُّحَى أَحَادِيثُ أُصُولُهَا ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ: حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ، «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ ابْنِ آدَمَ صَدَقَةٌ: تَسْلِيمُهُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيُهُ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُهُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَهْلِهِ صَدَقَةٌ، وَيَكْفِي عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَانِ مِنْ الضُّحَى».
الثَّانِي: حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ


الصفحة التالية
Icon