وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: عَزَائِمُ السُّجُودِ أَرْبَعٌ: ﴿الم - تَنْزِيلُ﴾ [السجدة: ١ - ٢] و ﴿حم - تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [فصلت: ١ - ٢] و ﴿وَالنَّجْمِ﴾ [النجم: ١] و ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العلق: ١]. وَهَذَا إنْ صَحَّ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ السُّجُودُ الثَّانِي مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَرِنًا بِالرُّكُوعِ، لِأَنَّهُ يَكُونُ مَعْنَاهُ ارْكَعُوا [فِي مَوْضِعِ الرُّكُوعِ]، وَاسْجُدُوا فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: ﴿وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق: ١٩]: الْمَعْنَى اكْتَسِبْ الْقُرْبَ مِنْ رَبِّك فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ فِي سُجُودِهِ؛ لِأَنَّهَا نِهَايَةُ الْعُبُودِيَّةِ وَالذِّلَّةِ لِلَّهِ، وَلِلَّهِ غَايَةُ الْعِزَّةِ، وَلَهُ الْعِزَّةُ الَّتِي لَا مِقْدَارَ لَهَا، فَلَمَّا بَعُدْت مِنْ صِفَتِهِ قَرُبْت مِنْ جَنَّتِهِ، وَدَنَوْت مِنْ جِوَارِهِ فِي دَارِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِيهِ فِي الدُّعَاءِ؛ فَإِنَّهُ قَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».
وَقَدْ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ، وَمُطَرِّفٌ: وَكَانَ مَالِكٌ يَسْجُدُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِخَاتِمَةِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَابْنُ وَهْبٍ يَرَاهَا مِنْ الْعَزَائِمِ.


الصفحة التالية
Icon