[مَسْأَلَة قَوْلُهُ تَعَالَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ: ﴿لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١] قِيلَ: لَيْلَةُ الشَّرَفِ وَالْفَضْلِ. وَقِيلَ: لَيْلَةُ التَّدْبِيرِ وَالتَّقْدِيرِ. وَهُوَ أَقْرَبُ لِقَوْلِهِ: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: ٤] وَيَدْخُلُ فِيهِ الشَّرَفُ وَالرِّفْعَةُ. وَمِنْ شَرَفِهَا نُزُولُ الْقُرْآنِ فِيهَا إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةً، وَمِنْ شَرَفِهَا بَرَكَتُهَا وَسَلَامَتُهَا الَّتِي يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانُهَا.وَمَعْنَى التَّقْدِيرِ وَالتَّدْبِيرِ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ دَبَّرَ الْحَوَادِثَ وَالْكَوَائِنَ قَبْلَ خَلْقِهَا بِغَيْرِ مُدَّةٍ، وَقَدَّرَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ، وَعَلِمَ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ حُدُوثِهَا بِغَيْرِ أَمَدٍ؛ وَمِنْ جَهَالَةِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ السَّفَرَةَ أَلْقَتْهُ إلَى جِبْرِيلَ فِي عِشْرِينَ لَيْلَةً
وَأَلْقَاهُ جِبْرِيلُ إلَى مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فِي عِشْرِينَ سَنَةً. وَهَذَا بَاطِلٌ لَيْسَ بَيْنَ جِبْرِيلَ وَبَيْنَ [اللَّهِ وَاسِطَةٌ. وَلَا بَيْنَ جِبْرِيلَ وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَاسِطَةٌ].
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فَيُحْدِثُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ الْأَرْزَاقِ وَالْمَصَائِبِ، وَمَا يُقَسَّمُ مِنْ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ، وَالْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَالْمَطَرِ وَالرِّزْقِ، حَتَّى يَكْتُبَ فُلَانٌ يَحُجُّ فِي الْعَامِ، وَيَكْتُبَ ذَلِكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: يَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا السَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ، وَالْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ، فَقَدْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ، وَنَسَخَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ مَنْ يَمُوتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إلَى مِثْلِهَا، فَتَجِدُ الرَّجُلَ يَنْكِحُ النِّسَاءَ، وَيَغْرِسُ الْغُرُوسَ، وَاسْمُهُ فِي الْأَمْوَاتِ مَكْتُوبٌ.
[الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ]
ٍ} [القدر: ٣]: فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: