الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ، وَغَابَتْ عَنْ عَيْنَيْهِ فِي الْمُسَابَقَةِ؛ لِأَنَّ الشَّمْسَ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ؛ وَهَذَا فَاسِدٌ بَلْ قَدْ تَقَدَّمَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ: (بِالْعَشِيِّ)، كَمَا تَقُولُ: سِرْت بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى غَابَتْ يَعْنِي الشَّمْسَ، وَتَرَكَهَا لِدَلَالَةِ السَّامِعِ لَهَا عَلَيْهَا بِمَا ذَكَرَ مِمَّا يَرْتَبِطُ بِهَا، وَتَعَلَّقَ بِذِكْرِهَا؛ وَالْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ أَمْرٌ مُرْتَبِطٌ بِمَسِيرِ الشَّمْسِ، فَذِكْرُهُ ذِكْرٌ لَهَا، وَقَدْ بَيَّنَّ ذَلِكَ لَبِيدٌ بِقَوْلِهِ:
حَتَّى إذَا أَلْقَتْ يَدًا فِي كَافِرٍ | وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلَامُهَا |
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَسَحَ أَعْنَاقَهَا وَسُوقَهَا بِالسُّيُوفِ عَرْقَبَةً، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَكَانَ فِعْلُهُ هَذَا بِهَا حِينَ كَانَ سَبَبًا لِاشْتِغَالِهِ بِهَا عَنْ الصَّلَاةِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ قَتَلَهَا، وَهِيَ خَيْلُ الْجِهَادِ؟
قُلْنَا: رَأَى أَنْ يَذْبَحَهَا لِلْأَكْلِ.