[مَسْأَلَة الْمَشْيَ فِيمَا قَرُبَ مِنْ الطَّاعَاتِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْمَشْيَ فِيمَا قَرُبَ مِنْ الطَّاعَاتِ أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ، فَأَمَّا كُلُّ مَا يُبْعِدُ فَيَكُونُ الْمَرْءُ بِكَلَالَهِ أَقَلَّ اجْتِهَادًا فِي الطَّاعَةِ فَالرُّكُوبُ أَفْضَلُ فِيهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّاكِبَ فِي الْجِهَادِ أَفْضَلُ مِنْ الرَّاجِلِ لِأَجْلِ غَنَائِهِ؛ وَهَذَا فَرْعُ هَذَا الْأَصْلِ، إذْ الْعَمَلُ مَا كَانَ أَخْلَصَ وَأَبَرَّ كَانَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِالرَّاحَةِ أَفْضَلَ.الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَلَأُ الْأَعْلَى فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْفَضِيلَةِ وَكَمِّيَّتِهَا فَيَجْتَهِدُونَ وَيَقُولُونَ: إنَّهُ أَفْضَلُ، كَمَا لَمْ يَخْتَلِفُوا وَلَا أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ قَوْمٌ يَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ، وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ؛ وَإِنَّمَا طَلَبُوا وَجْهَ الْحِكْمَةِ فَغُيِّبَتْ عَنْهُمْ حِكْمَتُهُ.
[الْآيَة الثَّانِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ]
َ} [ص: ٨٦].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: بِنَاءُ (ك ل ف) فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لِلْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامِ، وَقَدْ غَلِطَ عُلَمَاؤُنَا فَقَالُوا: إنَّهُ فِعْلُ مَا فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَكُلُّ إلْزَامٍ مَشَقَّةٌ، فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْمَشَقَّةِ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَشَقَّةٌ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.
[مَسْأَلَة وُرُودِ الْحَوْض السِّبَاع]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَعْنَى مَا أُلْزِمُ نَفْسِي مَا لَا يَلْزَمُنِي، وَلَا أُلْزِمُكُمْ مَا لَا يَلْزَمُكُمْ، وَمَا جِئْتُكُمْ بِاخْتِيَارِي دُونَ أَنْ أُرْسِلْت إلَيْكُمْ.