ما كان ذلك نقمة عليَّ، فقد كان حُبرة سابغة على الكتاب، صححت مبانيَه، ووضحتْ معانيَه.
هذا وقد انتحيت في التعليق تفصيل المجمل أو توضيح المبهم أو التنبيه على الوهم أو إرشاد القرأة إلى مزيد البحث في المصادر، ولربما أرخيت العبارة في التعليق زيادة بيان أو حرصا على فائدة أو محاذاة لكلام المؤلف بما يشاكله ويماثله، فكان أن "رفعت أحيانا العنق إلى النص، وملت عن الأعم إلى الأخص، وأدمجت باع العبارة في فتر الإشارة، وفي مواضع أجحف فيها الحذف، وتقلص ثوب المعنى فلم يضف، مددت بقدر الحاجة من أنفاسها، وأضفيت إلى حد الكفاية من لباسها".
وتوجت العمل بأن ختمته بفهارس تفصيلية، بلغت أحد عشر ككواكب يوسف، وهي على الولاء: فهرس الآي والآثار والأشعار والأعلام والأماكن والأمثال والكتب المذكورة في المتن والجماعات والفرق، والمصطلحات المنطقية وجريدة المصادر والمراجع، وفهرس مواد التقديم والتحقيق، ثم دليل الفهارس.
من نتائج البحث
١ - أنني أقدم اليوم، أول كتاب للبسيلي يحقق كاملا فيما أحسب، وما إخال أن الكتاب كان سيتأخر به العهدُ ليرْتد بصيرًا لولا عَمَهُ الأفارقة عن تراثهم، وغضُّهم على جاري عادتهم مما لم يكن من القرون الأولى، وذاك -كما ترى- "قضاءٌ في القضاء مذومُ".
٢ - أنني قدمت أوفى ترجمة للبسيلي بحمد الله، ولو كانت هاته مبسوطة في الكتب قريبةَ الجني، لما التفت إلى تسويد الأوراق بأمر هو على مرمى حجر من كل باحث، ولكن البسيلي من هؤلاء النكرات المجاهيل الذين حاق بهم من التاريخ إغماض غير يسير، فلم يحظوا في كتبه إلا بنتف يسيرة كالضريع، فاستدعى مني شح الترجمة وخمول الرجل أن أسلك قيافة الإشارات والتلميحات التي تحتف به وبأسرته، مما تضمنته تلافيفُ كتبه، ومَطَاوي تراجِمِ المتَلبسين به، مستخدما قرائنَ الأحوال، والجمْعَ بين المُشاكلِ والمؤالف، مما مكنني أن أرمِّم هذه الترجمة بذكر لفيف من شيوخه وأعلام أسرته، ووضع اليد على بعض من مؤلفاته التي نعرِّف بها لأول مرة فيما أحسب.