وهامت على عبد المهيمن تونسٌ وقد ظفِرتْ منه بوصْل وقُرْبان
وما علقَت مني الضمائرُ غيرَه وإن هويت كلا بحب ابن رفوان
ويقول في قصيدة أخرى:
فيا عسكرا قد ضمَّ أعلامَ عالم به طاب في الدنيا لنا متقَلَّبُ
هم الفئة العليا والمعشر الذي إذا حل شعب فهو للحق مشعب
ثم يتخلص لمدح أبى الحسن:
وأعليتَ قدْرَ العلم إذْ كنتَ عالما ففيه وفي طلابِه لكَ مأرَبُ
وقد أثرى هؤلاء العلماء الساحة العلمية بمناقشاتهم ومساجلاتهم بمحضر أبي الحسن في مجالسه، فحفظت لنا كتب التاريخ والتراجم صورا منها. فمن ذلك ما في بعضها من ذكر انقطاع علماء فاس المصاحبين للسلطان أمام ابن عبد السلام، بعد أن ناقشوه وأبدوا اعتراضاتهم فقطعهم واحدا بعد واحد. وهذا عبد المهيمن الحضرمي السبتي (ت ٧٤٩ هـ) يجلس للتدريس بتونس في مجلس السلطان أبي الحسن المريني، وكان القارئ هو الشيخ ابن عرفة في صحيح مسلم حديث مالك بن مغول -بكسر الميم وفتح الواو- فقال له عبد المهيمن وابن الصباغ: مغول بفتح الميم وكسر الواو، فأعادها القارئ ابن عرفة كما قرأها أول مرة قاصدا خلافه، فضحك السلطان وأدار وجهه لعبد المهيمن، وقال له: أراه لم يسمع منك، فأجابه بقوله: ﴿لا تبديل لخلق الله﴾.
والبسيلي يورد نماذج مما كانت تحفل به مجالس أبي الحسن من مساجلات علمية، فقد أورد عند قوله تعالى: ﴿وَكُنتُمْ قَوْماً مُجْرمِينَ﴾ قوله: "أتى هذا على الترتيب الوجودي؛ والإجرام أمر حسي لأن الاستكبارَ سبب في الإجرام. وأشار بقوم إلى كونهم جماعة اجتمعوا على ضلالة. فإن قلت: هلَّا قيل: "فأجرمتم وكنتم قوما


الصفحة التالية
Icon