عند ابن عرفة عام (٧٨٣ هـ)، غير أنهم في هذا يحتاجون إلى عاضد من نقل أو أَثَارَةٍ من علم، سيما وأننا لسنا على بينة من الوِجهة التي وَرَدَ منها، ناهيك أنه ليس بالمكْنة استبعاد كون البسيلي من أهل تونس أصالة، وهو عند ورود حاضرتها للأخذ عن ابن عرفة، إنما ورد من مكان متاخم لها؛ وأيّاً ما يكون، فصاحبُنا بتوطنه تونس ووفاته بها من أهل تونس بلا ريب، وهو الذي جرى عليه البحاثة حسن حسني عبد الوهاب، حين ترجمه في "كتاب العمر في المصنفات والمؤلفين التونسيين".
وأستطيع أن أجزم بتونسية البسيلي لأمور:
- تصريح المؤلف بتلقيه عن ابن مُسافر -وهو بتونس- وهو صغير، حمله أبوه إليه.
- كون جدّ البسيلي لأبيه إمام وخطيب جامع الزيتونة؛ وقد جرى في عرف أهل تونس ألا يوهمهم به إلا بَلَدِيُّهُم.
- أن لسلف البسيلي مقبرة بتونس عرفت باسم أبي إسحق إبراهيم البسيلي، ودفن فيها ابن أخته عبد العزيز البسيلي. ويكفي أن لأسرة البسيلي مقبرة عرفت باسم أحد أعلامها ليكون ذلك أدل على عراقتها بتونس.
فيَبْعُد لكل ما ذكرنا أن ننفي عن البسيلي أصالةَ كونِه تونسيا. ثم إن هذا الخلاف في إبدال اسمه لم يثبت من طريق نركن إليها، فإن المغايرة بين العَلَمين متأكدة بأمور منها: أن البسيلي نفسه ينقل عن المسيلي في "تذكرته"؛ ولوْ جَازَ على النُّسّاخ الوَهَمُ في رسم البسيلي بالميم، لجاز عليهم ذلك أيضا في رسم المسيلي بالباء، فلما لم يفعلوا ثبتت المغايرة. ثم إن تعليل جواز كون الأصل في البسيلي، المسيلي بالتقارب بين مخرجي الميم والباء، واستساغة الإبدال بينهما -والذي نقل عن الأستاذ سعد غراب- إنما يسري على غير الأسماء.
وقد كفاني مؤنة الرد على هذا التعليل الأستاذ محمد محفوظ، حين تعقب الأستاذ سعد غراب وهذا سياق كلام كل منهما:


الصفحة التالية
Icon