يَحضُرُ تدريسَ ابنِ الخطِيبِ، ويقعُدُ بَعيداً، فَقَال له ابنُ الخطِيبِ: لِمَ تَبْعُدُ عنا؟. فقال: مجلسُكَ البحْرُ، وأَنَا امْرُؤٌ لَا أُحْسنُ السَّبْحَ فأخشى الغَرَق؛ فقَرَّبَهُ منْه. وأخْبَرَني بها أَيْضاً، أنَّه كان يقْرأُ على ابنِ السَّكَّاك النَّحْوَ، يذهبُ إليهِ بعدَ فراغِ مجلسِه، فَعظُم على ابنِ السَّكَّاك مجيئُهُ، وقال له: أنت إمامٌ حقُّك أنْ يُؤْتى إليكَ. فقَال لهُ ابنُ الخطِيب: هذا الذِي أفعلُه هو الواجِبُ. قال ابنُ السَّكَّاك: بَحَثَ مَعِي الإمامُ في كتاب "المفصَّل"، ففي الجزءِ الأوَّلِ ربما يكونُ مثْلِي أوْ دُوني يسِيراً، وأمَّا الجزءُ الثَّاني فإِنَّه كانَ يحُلُّ لي المشْكلاتِ التي كات تَعْتَاصُ علَيَّ.
قال ابنُ الطباخ: وكانَ الإمامُ ابنُ الخطِيبِ على فضْلِهِ شِيعِيًّا (١) يَرَى محبَّةَ
فأهل السنة أشد من الشيعة حبًّا لآل البيت - رضي الله عنهم - يقول الإمام الشافعي - رضي الله عنه -
يا أهل بيت رسول الله حبكم... فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنكم... مَن لم يصل عليكم لا صلاة له
ومن يطالع التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) للإمام فخر الدين الرازي يجد خلاف ذلك، ويكفي مراجعة تفسيره في قوله تعالى في سورة التوبة (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا... الآية) والله أعلم. اهـ (محقق النسخة الإلكترونية).