بـ "قال" دون الفاء، وذلك نحو قوله تعالى -حكايةً عن زكرياء - عليه السلام - (إِذْ نَادى رَبهُ نِدَاءً خَفِيًّا قَالَ رَبِّ) الآية، فالمصلحة فيه عائدة على المنادِي، ولا بُعْدَ في التجاء العبد إلى ربه.
- والثالث أن تكون المصلحة عائدة على المنادِي؛ وفيه بُعد، كما في هذه الآية؛ لأن الله تعالى قد أمَرَه بحمْل أهلِه ونجّاهم، وولدُه من أهله مع أنه قد غرق، فالمصلحة فيها غرابة وبُعْد، فهذا القسم يوتى فيه بـ "الفاء" و "قال" معاً.
٤٧ - ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ﴾ الآية:
الفرْقُ بيْن هذه وبيْن آيةِ (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِي)، هو أنّ مُتَعَلّقَ الاستعاذَةِ في هذِه قدْ حصَل: وهو سؤالُهُ عنْ حالِ ابنِهِ، فلذلك أتى بلفْظٍ يدُلُّ على الاستعاذَةِ في الحالِ وفي الاسْتقْبالِ؛ وفي تلكَ لما فهِم مِنْ حالِهم أنهم يرْجُمونه أخْبرَهم أنه تقدم له اسْتعاذةٌ من ذلك.
٥٢ - ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾:
تكلمَ ابنُ عطيّةَ هنا في "التوبةِ"، وفي كلامِه تناقضٌ؛ لأنه جعَلَ نفْسَ إِيمانِ الكافرِ توبةً، ثم عرَّفَ التوبةَ وجعلَ مِنْ لوازِمِها الندَمَ، وهذا غيرُ لازمٍ في إِسْلامِ الكافر.