ولا نَقْصٌ؛ فهذا عبارةٌ عنِ العالمِ الملَكوتيِّ المسْتمرِّ على حقيقةٍ واحدةٍ، وهو الأَزَليُّ الذي لَا كسب فيه، وإنَّمَا الكسْبُ في عالم الملكِ والشَّهَادةِ، المُضَافِ إليه القدرةُ المُصَرِّفَةُ للحكمَةِ، وفيه الترتيبُ والكسْبُ والزمان والمكانُ والأكوانُ والأحكامُ.
فعبّر عما ظَهَر في عالَم الأمرِ والإرادةِ المسَمَّى بالعالَمِ الملكوتي بالأَزَلِ، وعبّر عمَّا ظَهَر في اخْترَاعِ القدْرَةِ المُصَرِّفَةِ للحكمةِ المسَمَّى بعالَمِ الملك والشهادةِ بالأبَدِ؛ إذْ في تبايُنِهِمَا ظَهَر الترتيبُ الحُكْمِيُّ والارتباطُ الزمنِيّ، وظَهَر الكسُب وشُرِعتِ الشَّرائعُ، وخرجتْ لا إله إلا الله محمدٌ رسول اللَّه على هذِه النِّسْبة مِنْ معنى العالَميْنِ اللذَيْنِ هما عالَمُ الملْك والشهادةِ، وعالَمُ الملكوتِ والأزَلِ والأبدِ؛ فلذلكَ لا إله إلا الله أزليةٌ لِفَراغِ الخَلْقِ منها، وهيَ صفَةُ عالَمِ المَلَكوت، ومحمدٌ رسُولُ الله أبديَّةٌ، وهي مِنْ صفةِ عالَمِ الملْكِ، فَماَ يظْهَرُ منَ الكسْبِ يعزى إلى الأبد، وما نَزَلَ معَ ترتيبِ الأحكامِ بالكسب يعزى إِلى الأزلِ، ولهذَا المعْنى لمَّا شاهَدَ الخضر - عليه السلام - الغلامَ في دائرَةِ العلْم والإرادَةِ التي هيَ مَلَكوتيَّةٌ، وعَلِمَ أنهُ سيكونُ منْهُ مَا قَصَّ اللَّهُ عليْنا قتَلَهُ، فأنكَر عليهِ موسى - عليه السلام -؛ لأنهُ حَكَمَ على


الصفحة التالية
Icon