في سجنِ الحبْسِ، وسَجَنَ الحقُّ زليخا في سجْنِ العَمَى، إذْ حقيقةُ السجن عدَمُ التصَرُّفِ في الأشياءِ، إِلا أنَّه لمَّا كانَ الأصلُ صحيحاً في العالَم الملَكوتي خرجَ يوسف - عليه السلام - منْ سجْنِ الحبسِ، وخرجتْ زليخا من سجْنِ العمَى، وعادتْ إلى الصُّورةِ التي رآها عليها في الدائرةِ الأولى، ولما رجعتْ إلى صورتِها الأولى التي كانتْ عليها، وقَعَ الاتفاقُ بينَ دائرةِ العلمِ والإرادةِ ودائرةِ الملكِ والشهادةِ، فدَخَل بها وطلبها في نفسِها، فأبتْ عليهِ وفرَّتْ بينَ يديْهِ، حتَّى جذَبهَا وقَدَّ القميصَ عليها مِنْ دُبُرٍ، ونُوديَ يا يوسف: جذبةٌ بجَذْبة، وهربةٌ بهربة، وتمْزيقٌ بتمزيق. وكانَ سببُ نُفُورِها منهُ أنها رأتْ برْهانَ ربِّها، وهو رُجوعُها إلى صُورَتِها الأولى: البَصَر بعد العَمَى، والغِنَى بعد الفقْرِ، فهربتْ إلى محبةِ اللَّه تعالى عنْ غيْرِهِ، ولَمْ تزلْ كذلك حتى نُودِيَ


الصفحة التالية
Icon