وذكر في الآية أربعة أمثال؛ قدَّم الأشْرف في مثلين، وهما الظل والحَرُور، وأخَّره في مثلين وهما البصير والنور. فقال الفخر: "يقول المفسرون في مثل هذا إنه لتواخي أواخر الآي وهو ضعيف؛ لأن تواخي آخرِ الآي راجعٌ إلى السجع، ومعجزة القرآن في المعنى لا في مجرد اللفظ؛ فالشاعر يقدِّم ويؤخِّرُ للسجع، فيكون اللفظُ حاملا له على تغْيير المعنى، وأمّا القرآنُ فحكمتُه بالغةُ المعنى، فلا يقدَّم فيه ولا يؤخر".
قلت: قوله "معجزة القرآن في المعنى لا في مجرد اللفظ" خلافُ المختار.
قال: "فالجواب أن الكفر لَمَّا كان متقدما في الزمان على الإيمان قدَّمه عليه في اللفظ، ثم لما ذَكَر المآل والمرجعَ قدَّم ما يتعلق بالرحمة على ما يتعلق بالغضب، لحديث "سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي".
قال: "وكرر "لا" بين الظلمات والنور وبين الظل والحرور وبين الأحياء والأموات، ولم يكرِّرْ بين الأعمى والبصير؛ لأنّ المنافاة بين ما عَدَا الأعمى والبصير أشدُّ منها بين الأعمى والبصير، إذ المنافاةُ بينهما مِن حيث، الوصف، وقد يجتمعان في شخص واحد، والأعمى والبصير يشتركان