قلت: واستدل المالكية على أن العظام من أجزاء كلِّ حيوان تابعٌ للحمه؛ فمتى حَكَمْنَا للَحْم بالطهارة حكمنا بذلك للعظم، لأنه مما تَحُلُّه الحياة، لقوله تعالى (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ). والظاهر إضافةُ الحياة إلى نفسِ العظام، لكن في الآية (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا)، فأضاف الإحياء إلى الدار الآخرة، والإنشَاء إلى الدنيا، والإنشاء تركيبٌ لا إحياء، لكن اجتمعت الأمة على أن العودة في حلول الحياة كالبَدْأَة، فيكون معنى إنشائها هاهنا إحياؤها، والبلاغة تقتضي تغيير اللفظ وإن اتحد المعنى. انتهى من ابن بشير، وانظر ابن عبد السلام.
٨٠ - ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا﴾:
خ: "عاد إلى تقرير ما تقدّم من دفع استبعادهم وإبطالِ إنكارهم وعنادهم. وقدَّم ذكر النار في الشجر على ذَكر خلقَ الأكبر وهو خلقُ السماوات والأرض، لأنّ استبعادَهم كان بالصريح واقعا على الإحياء حيث قالوا: (مَنْ يُّحْيِي الْعِظَامَ)، ولم يقولوا "من يجمعها ويؤلفها". والنار في الشجر