رَحِمَهُ اللَّهُ (بَابُ إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) وَسَاقَ حَدِيثَ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَخَذَ بِيَدَيْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَقَالَ: لَقَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَالَ: لَقَدْ صَلَّى بِنَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدِيثَ عِكْرِمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا عِنْدَ الْمَقَامِ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، وَإِذَا قَامَ وَإِذَا وَضَعَ، فَأَخْبَرْتُ ابن عباس فقال: أو ليس تِلْكَ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أُمَّ لَكَ «١»! فَدَلَّكَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِهَذَا الْبَابِ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ لَمْ يَكُنْ مَعْمُولًا بِهِ عِنْدَهُمْ. رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ السُّبَيْعِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ صَلَاةً أَذْكَرَنَا بِهَا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ، قَالَ أَبُو مُوسَى: فَإِمَّا نَسِينَاهَا وَإِمَّا تَرَكْنَاهَا عَمْدًا. قُلْتُ: أَتَرَاهُمْ أَعَادُوا الصَّلَاةَ! فَكَيْفَ يُقَالُ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ! وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ، وَالشَّيْءُ إِذَا لَمْ يَجِبْ أَفْرَادُهُ لَمْ يَجِبْ جَمِيعُهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ وَأَمَّا التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَغَيْرُ وَاجِبٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَأَوْجَبَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَهُ أَعَادَ الصَّلَاةَ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ). السَّادِسَةَ عَشْرَةَ وَأَمَّا الْجُلُوسُ وَالتَّشَهُّدُ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ وَالتَّشَهُّدُ لَهُ سُنَّتَانِ. وَأَوْجَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ وَقَالُوا: هُوَ مَخْصُوصٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْفُرُوضِ بِأَنْ يَنُوبَ عَنْهُ السُّجُودُ كَالْعَرَايَا «٢» مِنَ الْمُزَابَنَةِ «٣»، وَالْقِرَاضِ «٤» مِنَ الْإِجَارَاتِ، وَكَالْوُقُوفِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِمَنْ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سنة ما كان

(١). قوله: لا أم لك. في النهاية ابن الأثير: (هو ذم وسب. أي أنت لقيط لا تعرف لك أم. وقيل: قد يقع مدحا بمعنى التعجب منه وفية بعد).
(٢). العرايا: نخل كانت توهب ثمارها للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها رخص لهم أن يبيعوها بما شاءوا من التمر. [..... ]
(٣). المزابنة: بيع الرطب على رءوس النخل بالتمر كيلا، وبيع الزبيب بالكرم.
(٤). القراض (بالكسر): إجارة على التجر في مال بجزء من ربحه.


الصفحة التالية
Icon