فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ مَا أَجْلَدَهُ مَا أَظْرَفَهُ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أبالي أيكم بايعت لئن كان مسلما ليردنه علي دينه ولين كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه عَلَى سَاعِيهِ «١» وَأَمَّا الْيَوْمُ فَمَا كُنْتُ لِأُبَايِعَ مِنْكُمْ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا (. فَفِي قَوْلِهِ:) الْوَكْتُ) وَهُوَ الْأَثَرُ الْيَسِيرُ. وَيُقَالُ لِلْبُسْرِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ مِنَ الْإِرْطَابِ: قَدْ وَكَّتَ، فَهُوَ مُوَكِّتٌ. وَقَوْلُهُ: (الْمَجْلُ)، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مَاءً، وَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: (كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ) أَيْ دَوَّرْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ. (فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا) أَيْ مُرْتَفِعًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَحْسُوسٌ فِي الْقَلْبِ يَفْعَلُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْخَتْمُ وَالطَّبْعُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى يَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السموات وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادٌّ «٢» كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ... (وَذَكَرَ الْحَدِيثَ (مُجَخِّيًا): يَعْنِي مَائِلًا. السَّادِسَةُ الْقَلْبُ قَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْفُؤَادِ وَالصَّدْرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ «٣» " [الفرقان: ٣٢] وقال:" أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ «٤» " [الشرح: ١] يَعْنِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَلْبَكَ. وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْعَقْلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى «٥» لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ" [ق: ٣٧] أَيْ عَقْلٌ، لِأَنَّ الْقَلْبَ مَحَلُّ الْعَقْلِ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ. وَالْفُؤَادُ مَحَلُّ الْقَلْبِ، وَالصَّدْرُ مَحَلُّ الْفُؤَادِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّابِعَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَلى سَمْعِهِمْ) اسْتَدَلَّ بِهَا مَنْ فَضَّلَ السَّمْعَ عَلَى الْبَصَرِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَ تَعَالَى:" قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ «٦» وَأَبْصارَكُمْ" [الانعام: ٤٦]. وقال:" وَجَعَلَ لَكُمُ «٧» السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ" [السجدة: ٩]. قَالَ: وَالسَّمْعُ يُدْرَكُ بِهِ مِنَ الْجِهَاتِ السِّتِّ، وَفِي النُّورِ وَالظُّلْمَةِ، وَلَا يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ إِلَّا مِنَ الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ، وَبِوَاسِطَةٍ مِنْ ضِيَاءٍ وَشُعَاعٍ. وقال أكثر المتكلمين
(٢). ويروي: (مربد) أي اختلط سواده بكدرة.
(٣). راجع ج ١٣ ص ٢٨.
(٤). راجع ج ٢٠ ص ١٠٤.
(٥). راجع ج ١٧ ص ٢٣. [..... ]
(٦). راجع ج ٦ ص ٤٢٧.
(٧). راجع ج ١٠ ص ١٥١