الْمَعْنَى اسْتَعِينُوا بِمَنْ وَجَدْتُمُوهُ مِنْ عُلَمَائِكُمْ، وَأَحْضِرُوهُمْ لِيُشَاهِدُوا مَا تَأْتُونَ بِهِ، فَيَكُونَ الرَّدُّ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْكَدَ فِي الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ. قُلْتُ: هَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ. قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَى:" وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ" أَيِ ادْعُوا نَاسًا يَشْهَدُونَ لَكُمْ، أَيْ يَشْهَدُونَ أَنَّكُمْ عَارَضْتُمُوهُ. النَّحَّاسُ:" شُهَداءَكُمْ" نُصِبٌ بِالْفِعْلِ جَمْعُ شَهِيدٍ، يُقَالُ: شَاهِدٌ وَشَهِيدٌ، مِثْلَ قَادِرٍ وَقَدِيرٍ. وَقَوْلُهُ: (مِنْ دُونِ اللَّهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِهِ، وَدُونَ نَقِيضُ فَوْقَ، وَهُوَ تَقْصِيرٌ عَنِ الْغَايَةِ، وَيَكُونُ ظَرْفًا. وَالدُّونُ: الْحَقِيرُ الْخَسِيسُ، قَالَ:
إِذَا مَا عَلَا الْمَرْءُ رَامَ الْعُلَاءَ | وَيَقْنَعُ بِالدُّونِ مَنْ كَانَ دُونَا |
[سورة البقرة (٢): آية ٢٤]
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) يَعْنِي فِيمَا مَضَى (وَلَنْ تَفْعَلُوا) أَيْ تُطِيقُوا ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي. وَالْوَقْفُ عَلَى هَذَا عَلَى" صادِقِينَ" تَامٌّ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: مَعْنَى الْآيَةِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَلَنْ تَفْعَلُوا، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ. فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يَتِمُّ الْوَقْفُ عَلَى" صادِقِينَ".
(١). أقبرنا، أي ائذن لنا في أن نقبره. وصالح: هو صالح بن عبد الرحمن مولى تميم، كان كاتبا للحجاج، ويرى رأى الخوارج.
(٢). راجع ج ٧ ص ٣٩٧
(٢). راجع ج ٧ ص ٣٩٧