لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ [بِهَا «١»] وَبِهَا عِوَجٌ وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا). وَقَالَ الشَّاعِرُ:
هِيَ الضِّلَعُ الْعَوْجَاءُ لَيْسَتْ تُقِيمُهَا | أَلَا إِنَّ تَقْوِيمَ الضُّلُوعِ انْكِسَارُهَا |
أَتَجْمَعُ ضَعْفًا وَاقْتِدَارًا عَلَى الْفَتَى | أَلَيْسَ عَجِيبًا ضَعْفُهَا وَاقْتِدَارُهَا |
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ إِذَا تَسَاوَتْ فيه علامات النساء والرجال من الحية وَالثَّدْيِ وَالْمَبَالِ بِنَقْصِ الْأَعْضَاءِ. فَإِنْ نَقَصَتْ أَضْلَاعُهُ عَنْ أَضْلَاعِ الْمَرْأَةِ أُعْطِيَ نَصِيبَ رَجُلٍ- رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لِخَلْقِ حَوَّاءَ مِنْ أَحَدِ أَضْلَاعِهِ، وَسَيَأْتِي فِي الْمَوَارِيثِ بَيَانُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
«٢». الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (الْجَنَّةُ) الْجَنَّةُ: الْبُسْتَانُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ
«٣» فِيهَا. وَلَا الْتِفَاتَ لِمَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ وَإِنَّمَا كَانَ فِي جَنَّةٍ بِأَرْضِ عَدْنٍ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى بِدْعَتِهِمْ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ جَنَّةَ الْخُلْدِ لَمَا وَصَلَ إِلَيْهِ إِبْلِيسُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:" لَا لَغْوٌ فِيها
«٤» وَلا تَأْثِيمٌ" [الطُّورُ: ٢٣] وَقَالَ" لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً
«٥» " [النبأ: ٣٥] وَقَالَ:" لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً. إِلَّا قِيلًا سَلاماً
«٦» " [الواقعة: ٢٦ - ٢٥]. وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَهْلُهَا لِقَوْلِهِ:" وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ
«٧» " [الحجر: ٤٨]. وَأَيْضًا فَإِنَّ جَنَّةَ الْخُلْدِ هِيَ دَارُ الْقُدْسِ، قُدِّسَتْ عَنِ الْخَطَايَا وَالْمَعَاصِي تَطْهِيرًا لَهَا. وَقَدْ لَغَا فِيهَا إِبْلِيسُ وَكَذَبَ، وَأُخْرِجَ مِنْهَا آدَمُ وَحَوَّاءُ بِمَعْصِيَتِهِمَا. قَالُوا: وَكَيْفَ يَجُوزُ عَلَى آدَمَ مَعَ مَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ وَكَمَالِ عَقْلِهِ أَنْ يَطْلُبَ شَجَرَةَ الْخُلْدِ وَهُوَ فِي دَارِ الْخُلْدِ وَالْمُلْكِ الَّذِي لَا يَبْلَى؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَرَّفَ الْجَنَّةَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَمَنْ قَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ فِي تَعَارُفِ الْخَلْقِ إِلَّا طَلَبُ جَنَّةِ الْخُلْدِ. وَلَا يَسْتَحِيلُ فِي الْعَقْلِ دُخُولُ إِبْلِيسَ الْجَنَّةَ لِتَغْرِيرِ آدَمَ، وَقَدْ لَقِيَ مُوسَى آدَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ أَشْقَيْتَ ذُرِّيَّتَكَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَدْخَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِيَدُلَّ عَلَى أنها جنة الخلد