الرابعة- إن قيل: لم قال" عليه" لم يَقُلْ عَلَيْهِمَا وَحَوَّاءُ مُشَارِكَةٌ لَهُ فِي الذَّنْبِ بِإِجْمَاعٍ وَقَدْ قَالَ:" وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ" [البقرة: ٣٥] و" قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا" [الأعراف: ٢٣] فَالْجَوَابُ: أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خُوطِبَ فِي أَوَّلِ الْقِصَّةِ بِقَوْلِهِ:" اسْكُنْ" خَصَّهُ بِالذِّكْرِ فِي التَّلَقِّي فَلِذَلِكَ كُمِّلَتِ الْقِصَّةُ بِذِكْرِهِ وَحْدَهُ. وَأَيْضًا فَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ حُرْمَةٌ وَمَسْتُورَةٌ فَأَرَادَ اللَّهُ السَّتْرَ لَهَا وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْمَعْصِيَةِ في قوله:" وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى " [طه: ١٢١]. وَأَيْضًا لَمَّا كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَابِعَةً لِلرَّجُلِ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ لَمْ تُذْكَرْ كَمَا لَمْ يُذْكَرْ فَتَى مُوسَى مَعَ مُوسَى فِي قَوْلِهِ:" أَلَمْ أَقُلْ لَكَ" [الكهف: ٧٥]. وَقِيلَ: إِنَّهُ دَلَّ بِذِكْرِ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَابَ عَلَيْهَا إِذْ أَمْرُهُمَا سَوَاءٌ قَالَهُ الْحَسَنُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا «١» إِلَيْها" [الجمعة: ١١] أَيِ التِّجَارَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَقْصُودَ الْقَوْمِ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ إِلَيْهِمَا وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: «٢»
رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدِي | بَرِيئًا وَمِنْ فَوْقِ «٣» الطَّوِيِّ رَمَانِي |
(٢). هو عمرو بن أحمر الباهلي. [..... ]
(٣). الذي في شرح شواهد سيبويه: (ومن أجل الطوي). والطوي: البئر المطوية بالحجارة. قال الشنتمري: (وصف في البيت رجلا كانت بينه وبينه مشاجرة في بئر فذكر أنه رماه بأمر يكرهه ورمى أباه بمثله على براءتهما منه من أجل المشاجرة التي كانت بينهما).
(٤). راجع ج ٨ ص ١٩٣.
(٥). راجع ج ٣ ص ٩١.