عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا سَافَرْتُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَكُمْ وَإِذَا أَمَّكُمْ فَهُوَ أَمِيرُكُمْ) قَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قُلْتُ: إِمَامَةُ الصَّغِيرِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ قَارِئًا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ «١» مَمَرَّ النَّاسِ وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا! أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا! فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ فَكَأَنَّمَا يُقَرُّ «٢» فِي صَدْرِي وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ «٣» بِإِسْلَامِهَا فَيَقُولُونَ اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ نَبِيِّ اللَّهِ حَقًّا، قَالَ: (صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا). فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآنًا لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ وَكَانَتْ عَلِيَّ بُرْدَةٌ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطُّونَ «٤» عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ! فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ. وَمِمَّنْ أَجَازَ إِمَامَةَ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْبَالِغِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ وَقَامَ بِهَا لِدُخُولِهِ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ) وَلَمْ يَسْتَثْنِ وَلِحَدِيثِ عمرو ابن سَلَمَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ يَؤُمُّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلَا يَؤُمُّ فِي الْجُمُعَةِ وَقَدْ كَانَ قَبْلُ يَقُولُ وَمَنْ أَجْزَأَتْ إِمَامَتُهُ فِي الْمَكْتُوبَةِ أَجْزَأَتْ إِمَامَتُهُ فِي الْأَعْيَادِ غَيْرَ أَنِّي أَكْرَهُ فِيهَا إِمَامَةَ غَيْرِ الْوَالِيِّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ حَتَّى يَحْتَلِمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ لَيْسَ معهم من القرآن شي فَإِنَّهُ يَؤُمُّهُمُ الْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِنَ اضْطُرُّوا إِلَيْهِ أَمَّهُمْ. وَمَنَعَ ذَلِكَ جُمْلَةً مَالِكٌ والثوري وأصحاب الرأي. السابعة عشرة- الإتمام بِكُلِّ إِمَامٍ بَالِغٍ مُسْلِمٍ حُرٍّ عَلَى اسْتِقَامَةٍ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ حُدُودَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ لَحْنًا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى مِثْلَ أَنْ يَكْسِرَ الكاف
(٢). يقر (بقاف مفتوحة) من القرار. وفي رواية (يقرا) بألف مقصورة أي يجمع، أو بهمزة من القراءة. وفي رواية (يغري) أي يلصق.
(٣). تلوم: تنتظر.
(٤). في الأصول: (ألا تغطوا... ) بحذف النون ولا مقتضى له.